المطلب الثاني: التسجيل في حلقات التحفيظ:
لا شك أن التسجيل في هذه الحلقات بحد ذاته منقبة ومزية عظيمة، فلا محضن من المحاضن التربوية يمكن أن يعطي الإنسان ما تعطيه حلقات التحفيظ لطلابها من الحفاظ عليهم جسميا وروحيا، فالتسجيل في هذه الحلقات يعطي الآتي:
١ـ يعطينا صورة لولي الأمر والأب النابه الذي عرف مصلحة ولده من أول عمره، فأخذ يعلمه ما به صلاحه ومصلحته تمشيا مع قول النبي - ﷺ -: ( ؛ فالطالب يتعلم في الحلقات ـ مع الحفظ ـ مَنْ رَبُّهُ ومن نَبِيُّهُ وما دينه ـ ولا شك أن العلم في الصغر كالنقش على الحجر، والذي يعلم غير الذي لا يعلم، قال تعالى: ( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ) (١).
٢ـ والتسجيل في هذه الحلقات يعطينا مثالا رائعا للأسرة التي عرف أبواها أهم مسئولياتهما وهي تربية الأبناء التربية الحسنة التي أمرهما الله بها، فأكرماه بهذا التسجيل وأكرما أنفسها، قال تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) (٢).
٣ـ التسجيل في حلقات التحفيظ يعطي دلالات رائعة على أن الوالدين يبحثان عن الولد الصالح الذي هو بغية كل الآباء الواعين وهذه من أهم الأمور التي ينبغي أن ينشدها الزوجان بزواجهما، قال - ﷺ -: قال إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة؛ إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له ) (٣).
(٢) سورة التحريم الآية رقم ( ٦ ).
(٣) رواه مسلم كتاب الوصية، برقم ( ١٦٣١ ). انظر صحيح مسلم ( ٣/ ١٢٥٥ ).