قال تعالى (ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا) لا يحملنكم بغض من قد كانوا صدوكم عن الوصول إلى المسجد الحرام، وذلك عام الحديبية على أن تعتدوا حكم الله فيهم، فتقتصوا منهم ظلما وعدوانا، بل احكموا بما أمركم الله به من العدل في حق كل أحد.
ومثلها قوله تعالى (ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى) أي: لا يحملنكم بغض قوم على ترك العدل، فإن العدل واجب على كل أحد في كل أحد في كل حال.
وقال بعض السلف: ما عاملت من عصى الله فيك بمثل من تطيع الله فيه والعدل به قامت السماوات والأرض. (١)
فاللهمّ خلقنا بأخلاق القرآن، وأدبنا بآدابه،
اللهم إنك جعلته نجاة فنجنا به من كل هلكة،
وجعلته عصمة فاعصمنا به من كل بدعة،
واحشرنا تحت لواء حبيبك ونبيك محمد - ﷺ - واسقنا بيده الشريفة شربة هنيئة مريئة لا نظمأ بعدها أبدًا
وصلى الله على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه
وسلم
خاتمة
- إنّ الإسلام ليس مجرد قواعد يرتلها الإنسان في عزلة عن المجتمع، ولكنه سلوك يربط الفرد بالمجتمع لتحقيق غاية إسعاد الناس في الدنيا والآخرة، ومن ثم قدّم القرآن الكريم للإنسانية مزيجا صالحا من عقيدة راشدة ترفع الهمة، وعبادة قويمة تطهر النفس، وأخلاق عالية وتربية فاضلة تؤهل الحافظ لكتاب الله والعامل به، أن يكون خليفة الله في أرضه، وأحكام شخصية ومدنية واجتماعية تكفل حماية المجتمع من الفوضى والفساد، وتضمن له حياة الطمأنينة والسعادة والسلام، دينا قيما يساوق الفطرة، ويوائم الطبيعة، ويشبع حاجات القلب والعقل، ويوفق بين مباحث الروح والجسد، ويؤلف بين مصالح الدين والدنيا، ويجمع بين عز الآخرة والأولى، كل ذلك في قصد واعتدال، وبراهين واضحة مقنعة تبهر العقول والألباب.