والباحث يرى أن الحلقة القرآنية بيئة تربوية مؤثرة تجعل التلميذ يتشرب المعايير والقيم والأخلاق السائدة داخل الحلقات، ويتربى عليها ومن ثَمّ يقوم بعدئذ ببثِّها من جديد في البيئة الاجتماعية التي ينتمي لها، ويعيش فيها، وقد دلت الدراسات على أن من حسُنت تربيته في البداية، فسوف يكون في الغالب صالحاً، وبيئة الحلقات القرآنية إحدى هذه الوسائل المهمة في التربية التي تعد الأساس في مقاومة الانحرافات السلوكية والظواهر الاجتماعية؛ لأن الفرد سوف يصبح كما جاء في وصف المؤمن :" مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى " (١).
وقد أكّد أحد الباحثين أن التربية المستمدة من الأخلاق الإسلامية وسيلة مثلى في حل مشكلة ازدياد الجرائم والشرور بجميع صورها الظاهرة والباطنة في الحياة الاجتماعية، فهي خير وسيلة لبناء خير فرد وخير مجتمع؛حيث ينتفي الشر، وينتشر الأمن والثقة والمحبة والإخاء والمودة، واحترام الحقوق والمشاعر، وتنتشر بقية الفضائل، وهذه الأمور شروط السعادة ووسائل تحقيق الأمن الاجتماعي (٢).
إن التربية الدينية في الحلقات القرآنية تجعل مشاعر المتعلم نبيلة تحقق الأمن والطمأنينة للفرد المتدين وتدفعه إلى التفاعل مع الخالق عز وجل بأحسن الأعمال وأجلها وفق ما شرع من العبادات وفي ذات الوقت تدفع الفرد إلى التفاعل الاجتماعي البناء مع أفراد مجتمعه ( (٣).
(٢) عبد الرحمن بن عبد الخالق الغامدي، دور الأسرة في تربية أولادها، الرياض، دار الخريجي للنشر والتوزيع، ١٤١٨هـ، ص٣٣٨.
(٣) المرجع السابق، ص٦٢.