وقد بيّن الرسول ﷺ أن الرحمة تغشى حلقات القرآن، وتعمّ المتعلمين فيها جميعاً، وأن الملائكة تحيط بهم؛ تشريفاً لهم، فقال ﷺ :"... وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عند ه.. " ((١)، بل إن قراءة القرآن الكريم تحدد منزلة المسلم في الآخرة، قال ﷺ :" يقال لصاحب القرآن أقرا وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرأ بها " (٢)، وجاء في حديث آخر أن عمار القلوب وخرابها يتوقف على ما تحتويه من القرآن، قال صلى الله عليه وسلم:" إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب"(٣)، وعليه فإن ارتياد طلاب الحلقات القرآنية المساجد، وجلوسهم على ذكر الله تعالى، وقراءة القرآن وسماعه، ومراجعته يقوّي صلتهم بالله عزّ وجل.
وتزداد أهمية هذا الأمر في ظل الانفتاح العالمي على شتى الثقافات والمفاهيم، والمؤثرات والمتغيرات المتجددة والمتنوعة مما جعل أفراد المجتمع بأمس الحاجة إلى الإيمان بالله تعالى؛ فهو الذي يعصمهم من الانحراف، ويدفعهم إلى العبادة، ويحميهم من التأثر بالأفكار الوافدة، وممارسة الجريمة، أو الاعتداء على الآخرين أو الممتلكات العامة. إن الطلاب الذين يتربون في الحلقات القرآنية على أخلاق القرآن وأحكامه وآدابه يزداد إيمانهم، وبالتالي تقوى صلتهم بربهم عزّ وجل، وهذا ينعكس أثره على سلوكهم فالتربية القرآنية تمثّل أقوى عوامل حماية النشء من الانحراف، والبعد عن الجرائم التي تهدد أمن المجتمع.
٢- المحافظة على الهوية الإسلامية :
(٢) الترمذي، سنن الترمذي، مرجع سابق، ح(٢٩١٤)، ٥/١٧٧. وقال حديث حسن صحيح.
(٣) المرجع السابق، ح (٢٩١٣ )، ٥/١٧٧. وقال حديث حسن صحيح.