وَالْوَجْه الآخر أَن يكون أَرَادَ لَا تحسبن الَّذين كفرُوا بمفازة من الْعَذَاب فَيكون الْخَبَر فِي قَوْله بمفازة ثمَّ قَالَ ﴿فَلَا تحسبنهم﴾ وَيكون الْخَبَر فِي الثَّانِيَة متروكا اكْتفى بِعلم الْمُخَاطب بموضعه
قَرَأَ ابْن كثير وَأَبُو عَمْرو / فَلَا يحسبنهم / بِالْيَاءِ وَرفع الْبَاء وَالْفِعْل للْكفَّار أَي فَلَا يحْسب الْكفَّار أنفسهم بمفازة من الْعَذَاب وَإِنَّمَا أُعِيد يحسبنهم ثَانِيَة لِأَن مَعهَا الِاسْم وَالْخَبَر وَلَيْسَ مَعَ الْفِعْل الأول الِاسْم وَالْخَبَر فاجتزئ بِالثَّانِي عَن الأول
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ ﴿تحسبنهم﴾ بِالتَّاءِ وَنصب الْبَاء
﴿فَالَّذِينَ هَاجرُوا وأخرجوا من دِيَارهمْ وأوذوا فِي سبيلي وقاتلوا وَقتلُوا لأكفرن عَنْهُم سيئاتهم﴾ ١٩٥
قَرَأَ حَمْزَة وَالْكسَائِيّ ﴿وقاتلوا﴾ وقاتوا يبدآن بالمفعولين قبل الفاعلين فَإِن سَأَلَ سَائل فَقَالَ فَإِذا قتلوا كَيفَ يُقَاتلُون فَالْجَوَاب أَن الْعَرَب تَقول قتل بَنو تَمِيم بني أَسد إِذا قتل بَعضهم فَكَأَنَّهُ يقتل بَعضهم فَيقْتل الْبَاقُونَ البَاقِينَ قَالَ أَحْمد بن يحيى هَذِه الْقِرَاءَة أبلغ فِي الْمَدْح لأَنهم يُقَاتلُون بعد أَن يقتل مِنْهُم
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ ﴿وقاتلوا وَقتلُوا﴾ وحجتهم أَن الله بَدَأَ بوصفهم بِأَنَّهُم قَاتلُوا أَحيَاء ثمَّ قتلوا بعد أَن قَاتلُوا وَإِذا اخبر عَنْهُم بِأَنَّهُم قتلوا فمحال أَن يقاتلوا بعد هلاكهم فَهَذَا يُوجِبهُ ظَاهر الْكَلَام