وَتبقى الكسرة تدل على الْيَاء كَمَا تَقول رب اغْفِر لي وَفِي التَّنْزِيل ﴿رب قد آتيتني من الْملك﴾ و ﴿يَا قوم﴾ وَالْأَصْل يَا قومِي فحذفت الْيَاء وَإِنَّمَا تحذف فِي النداء لِأَن بَاب النداء بَاب التَّغْيِير والحذف وَأما إِدْخَال تَاء التَّأْنِيث فِي الْأَب فَقَالَ قوم إِنَّمَا دخلت للْمُبَالَغَة كَمَا تَقول عَلامَة ونسابة فَاجْتمع يَاء الْمُتَكَلّم وَالتَّاء الَّتِي للْمُبَالَغَة فحذفوا الْيَاء لِأَن الكسرة تدل عَلَيْهَا
وَقَالَ الزّجاج إِن التَّاء كثرت ولزمت فِي الْأَب عوضا عَن يَاء الْإِضَافَة فَلهَذَا كسرت التَّاء لِأَن الكسرة أُخْت الْيَاء وَمن فتح فَلهُ وَجْهَان أَحدهمَا أَن يكون أَرَادَ يَا أبتا فأبدل من يَاء الْإِضَافَة ألفا ثمَّ حذف الْألف كَمَا تحذف الْيَاء وَتبقى الفتحة دَالَّة على الْألف كَمَا أَن الكسرة تدل على الْيَاء وَالْوَجْه الآخر أَنه إِنَّمَا فتح التَّاء لِأَن هَذِه التَّاء بدل من يَاء الْمُتَكَلّم وَاصل يَاء الْمُتَكَلّم الْفَتْح فَتَقول يَا غلامي وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِك لِأَن الْيَاء هُوَ اسْم وَالِاسْم إِذا كَانَ على حرف وَاحِد فأصله الْحَرَكَة فَتكون الْحَرَكَة تَقْوِيَة للاسم فَلَمَّا كَانَ أصل هَذِه الْيَاء الفتحة كَانَ الْوَاجِب أَن تفتح لِأَنَّهَا بدل من الْحَرْف الَّذِي هُوَ أَصله ليدل على الْمُبدل
وقف ابْن كثير وَابْن عَامر / يَا أبه / على الْهَاء وحجتهما أَن التغييرات تكون فِي حَال الْوَقْف دون الإدراج فَتَقول رايت زيدا فتقف عَلَيْهِ بِالْألف ووقف الْبَاقُونَ بِالتَّاءِ وحجتهم أَن هَذِه التَّاء بدل من الْيَاء فَكَمَا أَن الْيَاء على صُورَة وَاحِدَة فِي الْوَصْل وَالْوَقْف فَكَذَلِك الْبَدَل يجب أَن يكون مثل الْمُبدل مِنْهُ على صُورَة وَاحِدَة