قَومهمْ أَن الرُّسُل قد كذبتهم فِيمَا أخبروهم بِهِ من أَنهم إِن لم يُؤمنُوا بهم نزل بهم الْعَذَاب ثمَّ رد إِلَى مَا لم يسم فَاعله فَقيل إِنَّهُم كِنَايَة عَن الْقَوْم
قَرَأَ أهل الْحجاز وَالْبَصْرَة وَالشَّام ﴿كذبُوا﴾ بِالتَّشْدِيدِ وَفِي التَّنْزِيل ﴿وَلَقَد كذبت رسل﴾ وَقَوله ﴿فكذبوا رُسُلِي﴾ وَجعلُوا الضَّمِير فِي ظنُّوا للرسل وَالظَّن بِمَعْنى الْيَقِين وحجتهم فِي ذَلِك أَن ذكر الرُّسُل قد تقدم وَلم يتَقَدَّم ذكر الْمُرْسل إِلَيْهِم فَيجْعَل الضَّمِير لَهُم وَإِذا كَانَ ذَلِك كَذَلِك فَالْأولى أَن يَجْعَل الضَّمِير للرسل فَيكون الفعلان للرسل وَيصير كلَاما وَاحِدًا وَمعنى الْآيَة حَتَّى إِذا استيأس الرُّسُل من إِيمَان قَومهمْ وظنوا أَي أيقنوا أَن قَومهمْ قد كذبوهم جَاءَهُم نصرنَا أَي جَاءَ الرُّسُل نصرنَا وَقَالَ قوم لَيْسَ الظَّن بِمَعْنى الْيَقِين بل لَفظه مَعْنَاهُ قَالُوا وَمعنى الْآيَة حَتَّى إِذا استيأس الرُّسُل مِمَّن كذبهمْ من قَومهمْ أَن يصدقوهم وظنت الرُّسُل بِأَن من قد آمن بهم من قَومهمْ قد كذبوهم جَاءَهُم نصر الله عِنْد ذَلِك قَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا لم يزل الْبلَاء بالرسل حَتَّى خَافُوا أَن يكون من مَعَهم من الْمُؤمنِينَ قد كذبوهم
قَرَأَ عَاصِم وَابْن عَامر ﴿فنجي من نشَاء﴾ بنُون وَاحِدَة وَتَشْديد الْجِيم وَفتح الْيَاء على مَا لم يسم فَاعله وحجتهما أَن الْقِصَّة مَاضِيَة فَأتيَا ب نجي على لفظ الْمَاضِي وَيُقَوِّي هَذَا أَنه قد عطف عَلَيْهِ فعل لم يسم فَاعله وَهُوَ قَوْله ﴿وَلَا يرد بأسنا﴾ وَلَو كَانَ ننجي مُسْندًا إِلَى الْفَاعِل كَقَوْل من خَالفه لَكَانَ لَا نرد ليَكُون مثل الْمَعْطُوف عَلَيْهِ