الْكَلَام جَارِيا على مَعْنَاهُ لِأَن الْقِصَّة وَاحِدَة وَالْكَلَام يتبع بعضه بَعْضًا ﴿وَمن كَانَ فِي هَذِه أعمى فَهُوَ فِي الْآخِرَة أعمى وأضل سَبِيلا﴾
قَرَأَ حَمْزَة وَالْكسَائِيّ وَأَبُو بكر ﴿وَمن كَانَ فِي هَذِه أعمى فَهُوَ فِي الْآخِرَة أعمى﴾ بِكَسْر الْمِيم فيهمَا وحجتهم أَن الْألف تنْقَلب إِلَى الْيَاء إِذا قلت أعميان فالإمالة فيهمَا حَسَنَة
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ ﴿أعمى﴾ ﴿أعمى﴾ بِغَيْر إمالة وحجتهم أَن الْيَاء فيهمَا قد صَارَت ألفا لانفتاح مَا قبلهَا وَالْأَصْل ﴿وَمن كَانَ فِي هَذِه أعمى﴾ بِفَتْح الْيَاء ﴿فَهُوَ فِي الْآخِرَة أعمى﴾ بِضَم الْيَاء فقلبت الْيَاء ألفا لتحركها وانفتاح مَا قبلهَا
وَكَانَ أَبُو عَمْرو أحذقهم فَفرق بَين اللَّفْظَيْنِ لاخْتِلَاف الْمَعْنيين فَقَرَأَ ﴿وَمن كَانَ فِي هَذِه أعمى﴾ بالإمالة ﴿فَهُوَ فِي الْآخِرَة أعمى﴾ بِالْفَتْح فَجعل الأول صفة بِمَنْزِلَة أَحْمَر وأصفر وَالثَّانِي بِمَنْزِلَة أفعل مِنْك أَي أعمى قلبا
قَالَ ابْن كثير من عمي فِي الدُّنْيَا مَعَ مَا يرى من آيَات الله وعبره فَهُوَ عَمَّا لم ير من الْآخِرَة أعمى واضل سَبِيلا
قَالَ أَبُو عبيد وَكَانَ أَبُو عَمْرو يقْرَأ هَذَا الْحَرْف على تَأْوِيل ابْن كثير ﴿فَهُوَ فِي الْآخِرَة أعمى﴾ يَعْنِي أَشد عمى وأضل سَبِيلا وَحجَّة من أمال هِيَ أَن الإمالة وَالْفَتْح لَا يأتيان على الْمعَانِي بل الإمالة تقريب من الْيَاء وَإِن كَانَ بِمَعْنى أفعل فَلَا يمْنَع من الإمالة