دلّ عَلَيْهِ مَا تقدم من قَوْله ﴿أحسن كل شَيْء﴾ الْمَعْنى الَّذِي خلق كل شَيْء خلقه وابتدأه ابْتِدَاء وَيجوز أَن يَجْعَل ﴿خلقه﴾ بَدَلا من ﴿كل شَيْء﴾ التَّقْدِير الَّذِي أحسن خلق كل شَيْء وَهَذَا مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَجَاء فِي التَّفْسِير أَن تَأْوِيلهَا ألهم خلقه كل مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ كَأَنَّهُ قَالَ أعلمهم كل مَا يَحْتَاجُونَ إِلَى علمه فَأَما الضَّمِير الَّذِي أضيف إِلَيْهِ ﴿خلق﴾ فَلَا يَخْلُو من أَن يكون ضمير اسْم الله أَو يكون كِنَايَة عَن الْمَفْعُول بِهِ فَالَّذِي يدل عَلَيْهِ نَظَائِره أَن الضَّمِير لاسم الله نَحْو قَوْله ﴿صنع الله﴾ و ﴿وعد الله﴾ فَكَمَا أضيفت هَذَا المصادر إِلَى الْفَاعِل فَكَذَلِك يكون ﴿خلقه﴾ مُضَافا إِلَى ضمير الْفَاعِل لِأَن قَوْله ﴿أحسن كل شَيْء﴾ يدل على خلق كل شَيْء
قَرَأَ نَافِع وَأهل الْكُوفَة ﴿خلقه﴾ بِفَتْح اللَّام جَعَلُوهُ فعلا مَاضِيا أَي أحسن كل شَيْء فخلقه قَالَ أهل التَّأْوِيل ﴿أحسن﴾ أَي أحكم كَمَا أَرَادَ لَا كمن يُرِيد أَن يَأْتِي بالشَّيْء حسنا فَيَقَع قبيحا كالخط وَالصُّورَة مِمَّا يُعلمهُ الْإِنْسَان وَكَانَ ابْن عَبَّاس يَقُول القرد لَيْسَ بِحسن وَلكنه أحكم خلقه وَقيل إِن الْحسن مَوْجُود فِي كل مَا خلق الله من جَمِيع الْحَيَوَان وَهُوَ أَن أثر صنع الله وَالدّلَالَة على وحدانيته مَوْجُودَة فِيهِ وَشَاهد هَذَا القَوْل قَوْله ﴿إِنَّا جعلنَا مَا على الأَرْض زِينَة لَهَا﴾ وعَلى الأَرْض حيات وعقارب وقردة وَلَيْسَت من الزِّينَة وَلَكِن الْمَعْنى انها مخلوقات الله وفيهَا آثَار صنع الله وَقَالَ آخَرُونَ ﴿إِنَّا جعلنَا مَا على الأَرْض زِينَة لَهَا﴾ يَعْنِي الرِّجَال فالهاء فِي قَوْله ﴿خلقه﴾ ضمير الْخلق