فَمن قَرَأَ مساكنهم أَتَى بِاللَّفْظِ وفقا للمعنى لِأَن لكل سَاكن مسكنا فَجمع والمساكن جمع مسكن الَّذِي هُوَ اسْم للموضع من سكن يسكن وحجتهم أَنَّهَا مُضَافَة إِلَى جمَاعَة فمساكنهم بعددهم وَيُقَوِّي الْجمع إِجْمَاع الْجَمِيع على قَوْله ﴿فَتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهمْ﴾ وَمن قَرَأَ ﴿مسكنهم﴾ بِالْفَتْح يشبه أَن يكون جعل الْمسكن مصدرا وَحذف الْمُضَاف وَالتَّقْدِير فِي مَوَاضِع سكناهم فَلَمَّا جعل الْمسكن كالسكن أفرد كَمَا تفرد المصادر وعَلى هَذَا قَوْله ﴿فِي مقْعد صدق﴾ أَي فِي مَوضِع قعُود أَلا ترى أَن لكل وَاحِد من الْمُتَّقِينَ مَوضِع قعُود وَمن قَرَأَ مسكنهم جعله اسْم الْموضع الَّذِي يسكنون فِيهِ وَإِنَّمَا وحد لِأَنَّهُ أَرَادَ بلدهم وَقد يجوز أَن يُرَاد بذلك جمع المساكن ثمَّ يُؤَدِّي الْوَاحِد عَن الْجمع
قَالَ الْكسَائي مسكن ومسكن لُغَتَانِ قَالَ نحويو الْبَصْرَة وَالْأَشْبَه فِيهِ الْفَتْح لِأَن اسْم الْمَكَان من فعل يفعل على المفعل بِالْفَتْح وَإِن لم يرد الْمَكَان وَلَكِن أَرَادَ الْمصدر فالمصدر أَيْضا فِي هَذَا النَّحْو يَجِيء على المفعل مثل الْمَحْشَر وَقد يشذ عَن الْقيَاس نَحْو الْمسكن وَالْمَسْجِد وَذهب سِيبَوَيْهٍ على أَنه اسْم الْبَيْت وَلَيْسَ الْمَكَان من فعل يفعل فعلى هَذَا لم يشذ عَن الْبَاب
﴿جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وَشَيْء من سدر قَلِيل ذَلِك جزيناهم بِمَا كفرُوا وَهل نجازي إِلَّا الكفور﴾ ١٦ و ١٧