قال ابن حجة الحموي في باب الكناية: (والأبلغ في هذا الباب والأبدع أن يكني المتكلم عن اللفظ القبيح باللفظ الحسن) وذكر كنايتين في القرآن عن الحدث والجماع، ثم قال: (وعلى الجملة لا تجد معنى من هذه المعاني في الكتاب العزيز إلا بلفظ الكناية؛ لأن المعنى الفاحش متى عبر المتكلم عنه بلفظه الموضوع له كان الكلام معيبًا)(١).
وقال الماوردي في آداب الكلام: (ومن آدابه: أن يتجافى هُجر القول ومستقبح الكلام، وليعدل إلى الكناية عما يُستقبح صريحه ويُستهجن فصيحه؛ ليبلغ الغرض ولسانه نزه وأدبه مصون)(٢).
وقد قال الله عز وجل: ؟ لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللهُ سَمِيعًا عَلِيمًا ؟ [النساء: ١٤٨].
إن المتكلم البليغ سيجد في كتاب الله - عز وجل - مثلاً يحتذى في سمو الخلق وشرف التعبير.
ولينظر مثلاً في التعبير عن قضاء الحاجة التي هي من طبيعة الإنسان، حيث يقول الله - عز وجل -: ؟أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِن الغَائِطِ؟ [المائدة: ٦]، فعبر عن الحدث بالمكان الذي يقضى عادة فيه؛ لأن الغائط هو المكان المنخفض من الأرض، ويقصد عادة لقضاء الحاجة.
(٢) أدب الدنيا والدين، للماوردي: ٢١٠.