لكي تؤدي مدارس تعليم القرآن الكريم دورها لابد أن تهتم بنوعية طلابها، بحيث لا تسمح بأن ينضم إليها طلاب معروفون بسوء الأدب أو بالإهمال والتقصير، وبعد اختيار الطلاب يجب على الإدارة متابعتهم متابعة مستمرة ؛ لتعالج ما يصدر عن بعضهم من أخطاء، سواء داخل الحلقة أو خارجها، وذلك من خلال نصحهم وتوجيههم، أو بحرمانهم من التشجيع، أو بتوبيخهم وزجرهم(١)، لأن المقصود تعليمهم وتربيتهم، والإنسان مفطور على التأثر والتأثير بمن يصاحبه، ومن أشد ما يتأثر به الإنسان الصحبة، وبخاصة في سن المراهقة، حيث تتكون شخصيته في هذه السن، ويبدأ في البحث عن هويته الشخصية، ويكون عنده الاستعداد للصداقة، والبحث عن صاحب يكتسب منه تجارب الحياة، فإذا كان هذا الصديق سيئ الخلق والسلوك اكتسب منه السلوك السيئ، ويظل ينمو معه هذا السلوك كلما كبر، حتى يصبح الإجرام طبعاً من طباعه، والانحراف عادة متأصلة من عاداته، ويصعب بعد ذلك رده إلى الجادة المستقيمة، فيكون وبالاً على نفسه وأهله ومجتمعه(٢)، وقد تمثل هذا بمثل ضربه لنا النبي - ﷺ - حين قال :( مثل الجليس الصالح والسوء كحامل المسك ونافخ الكير؛ فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد ريحا خبيثة ) (٣)، فالصحبة الصالحة تنتج إنساناً صالحاً في دينه وخلقه،

(١) ينظر في موضوع التأديب في حلقات تحفيظ القرآن الكريم : المدارس والكتاتيب القرآنية ص(١٠١) وما بعدها، مهارات التدريس في الحلقات القرآنية، د. الزهراني ص(٣٠٦) وما بعدها.
(٢) ينظر : أدب الصحبة للإمام عبدالرحمن السلمي ص(٤١)، المسؤولية الأمنية ودور المؤسسات التعليمية في تحقيقها، د. محمد الصايم عثمان ورفيقه ص(١١٤٩).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٥٢١٤) ( ٥/٢١٠٤) كتاب الذبائح والصيد، باب المسك، من حديث أبي موسى الأشعري.


الصفحة التالية
Icon