وهي مُقَدَّمْة عند عامة العلماء، إلا ابن المديني، فَإِنَّه يُقَدِّم رواية سعيد بن جبير على مجاهد بن جبر، بل يقدمها على روايات سائر أصحاب عبد الله بن عباس، والأظهر أن رواية مجاهد بن جبر هي أصح الروايات عن عبد الله بن عباس، وتقدم على غيرها عند التضادِّ في الأغلب، إلا في الأحكام؛ فسعيد بن جبير لا يقدم عليه أحد فيها، ولعل هذا ما قصده ابن المديني رحمه الله.
ومجاهد بن جبر قد عرض التفسير على عبد الله بن عباس عرضًا واسعًا، وكرَّره عليه مرارًا، يقول الفضل بن ميمون: قال لي مجاهد بن جبر: " عرضت التفسير على عبد الله بن عباس ثلاثين مرة أُوقفه عند كل آيه "، ولذلك قد استفرغ علمه تفسير القرآن، وكان علمُه جُلُّه فيه.
وقد غلب على حال أصحاب عبد الله بن عباس العنايةُ بشيءٍ من أبواب التفسير على غيره؛ فقد اعتنى مجاهد بن جبر بالمفردات وغريب القرآن وأشعار العرب، وغيره من أصحاب عبد الله بن عباس قد اعتنوا ببعض الأبواب؛ كَعِكْرِمَة مولى عبد الله بن عباس قد اعتنى بأسباب النزول، واعتنى سعيد بن جبير بالأحكام والغيبيات وأكثر من الرواية في الإسرائيليات وغيره مما يأتي الكلام عليه.
قلة رواية مجاهد عن ابن عباس
ثمة أمر ينبغي أن يتنبه له: