محمد بن سيرين، ولم يسمع منه، لكن حديثه عنه صحيح، وقد رأيت مَن يضعِّفه لانقطاعه، وهذا من التهوُّك، فالواسطة معروفة، فهو قد أخذ التفسير عن ابن عباس بواسطة عكرمة، ولا يسميه لسوء رأيه فيه، قال خالد الحذاء: كل ما قال محمد بن سيرين: نُبِّئتُ عن ابن عباس، فإنما أخذَه عن عكرمة، لَقِيَه أيام المختار.
وكذلك قال شعبة: أحاديث محمد بن سيرين عن ابن عباس قال شعبة: إنما سمعها من عكرمة.
رواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس
ومن الرواة عن ابن عباس: علي بن أبي طلحة.
وقد روى عن علي بن أبي طلحة إسناده عن عبد الله بن عباس معاوية بن صالح، وقد رواه عن معاوية بن صالح عبد الله بن صالح كاتب الليث أبو صالح، وقد اشتهر هذا الإسناد، وهو صحيفة لم يسمعها علي بن أبي طلحة من عبد الله بن عباس، وقد وقع في هذه الرواية خوضٌ وخلافٌ كثيرٌ عند المتأخرين، وخلاصة القول :
أنه قد اتفق الحفاظ على أن علياً لم يسمع من عبد الله بن عباس شيئًا، وإن كان قد يستشكل على البعض ما روى البلاذري في "أنساب الأشراف" عن عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة قال: كان عبد الله بن عباس مديدَ القامة جيد الهامة، مستدير الوجه، جميلَه أبيضَه، وليس بالمفرط البياض، سبط اللحية، في أنفه قنى، معتدل الجسم، وكان أحسن الناس عيناً قبل أن يكف بصره.
قيل: في ذلك ما يشعر بأنه رآه، فيقال: إن هذا لا يعني أنه قد رآه، بل يكون قد حكى عمن رآه، وهذا شك لا يثبت مع يقين عدم سماعه.
ومثل هذه الحكاية مليئة كتب التاريخ والسير منها، يحكيها من بينه وبين الموصوف قرون، ولا خلاف في علي أنه لم يسمع من ابن عباس شيئًا، جزم به أبو حاتم ودُحيم وابن معين وابن حبان، بل قال الخليلي في "الإرشاد": أجمع الحفاظ على ذلك.