والغلوُّ في البدع لم يوجد في عصر التابعين، فالتابعون الرواة لا يوجد فيهم سَبَئية ولا رافضة، وإنما هو تشيع يسير بتقديم علي بن أبي طالب على عثمان بن عفان رضي الله عنهما، وهذا غاية ما يوصفون به من التشيع، فإذا وُجد نص عن راوٍ من الرواة أنه يتشيع من تلك الطبقة، فمرادُهم ذلك، فأهلُ الكوفة كلهم شيعة على هذا المذهب، إلا نَزْرٌ يسير. قال أحمد بن حنبل: أهل الكوفة يفضِّلون علياً على عثمان، إلا رجلين طلحة بن مُصِّرف وعبدالله بن إدريس.
والتشيع في تلك الطبقة لم يخرُجْ عن الكوفة إلى الشام واليمن والحجاز ومصر، إلا شيئاً يسيراً، كطاووس بن كيسان فيه تشيعاً على تلك الطريقة، وهو يمانيٌّ.
وما نقله ابن تيمية رحمه الله في كتابه "في الرد على البكري" أن أحمد قال في علي بن أبي طلحة: ضعيفٌ، فهذا النقل لا أعلمه في المسائل عن أحمد، ولا في مروياته سوى في هذا الموضع، ولعله أراد قوله: "يروي المنكرات". وإلا فالمعروف عن الإمام أحمد أنه حَمِدَ صحيفة علي بن أبي طلحة عن عبد الله بن عباس.
ولا يُوجد شيء يكاد يُذكر من التفسير من قول علي بن أبي طلحة، وإنما هو عن عبد الله بن عباس، أو عن رسول الله ؟ وهو قليل، فعليٌّ ناقل فقه ليس بفقيه.
رواية عطاء عن ابن عباس
ومن الرواة عن ابن عباس: عطاء:
ومن يروي عن ابن عباس ممن اسمه عطاء: ابن أبي رباح، وهو أجلُّهم وأعلمهم، وابن أبي مسلم الخراساني، ولم يسمع من ابن عباس إلا ابن أبي رباح، والخراساني بواسطة، والذي يرد في التفسير كثيراً هو عطاء بن أبي مسلم الخراساني، ويُنسب في الغالب في الأسانيد.
وقد روى أكثر تفسيره ابن جريج، ويروي عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس في التفسير وأكثر مروياته يرويها عنه ابن جريج أيضاً، وما جاء في التفسير في سورة البقرة وآل عمران فليس هو الخراساني، وإنما هو ابن أبي رباح؛ لأن الخراساني امتنع عن تفسير السورتين لابن جريج.


الصفحة التالية
Icon