@ ومنهم من وسع عليه رزق البدن وقتر عليه رزق القلب وبالعكس وهذا الرزق إنما يتم ويكمل بالشكر والشكر مادة زيادته وسبب حفظه وبقائه وترك الشكر سبب زواله وانقطاعه عن العبد فإن الله تعالى تأذن أنه لا بد أن يزيد الشكور من نعمه ولا بد أن يسلبها من لم يشكرها فلما وضعوا الكفر والتكذيب موضع الشكر والإيمان جعلوا رزقهم نفسه تكذيبا فإن التصديق والشكر لما كانا سبب زيادة الرزق وهما رزق القلب حقيقة فهؤلاء جعلوا مكان هذا الرزق التكذيب والكفر فجعلوا رزقهم التكذيب وهذا المعنى هو الذي حام حوله من قال التقدير وتجعلون شكر رزقكم أنكم تكذبون وقال آخرون التقدير وتجعلون بدل شكر رزقكم أنكم تكذبون فحذف مضافين معا وهؤلاء أطالوا اللفظ وقصروا بالمعنى ومن بعض معنى الآية قوله مطرنا بنوء كذا وكذا فهذا لا يصح أن تدل عليه الآية ويراد بها وإلا فمعناها أوسع منه وأعم وأعلى والله أعلم فصل
ثم ختم السورة بأحوالهم عند القيامة الصغرى كما ذكر في أولها أحوالهم في القيامة الكبرى وقسمهم إلى ثلاثة أقسام كما قسمهم هناك إلى ثلاثة وذكر بين يدي هذا التقسيم الاستدلال على صحته وثبوته بأنهم مربوبون مدبرون مملوكون فوقهم رب قاهر مالك يتصرف فيهم بحسب مشيئته وإرادته وقررهم على ذلك بما لا سبيل لهم إلى دفعه ولا إنكاره فقال ﴿ فلولا إذا بلغت الحلقوم ﴾ أي وصلت الروح إلى هذا الموضع بحيث فارقت ولم تفارق فهي برزخ بين الموت والحياة كما أنها إذا فارقت صارت في برزخ بين الدنيا والآخرة ملائكة الرب تعالى أقرب إلى المحتضر من حاضريه من الإنس ولكنهم لا يبصرون بهم فلو لا تردونها إلى مكانها من البدن أيها الحاضرون إن كان الأمر كما تزعمون أنكم غير مجزيين ولا مدينين ولا مستوعبين ليوم الحساب