@ وتجتمع إلى عرقين كبيرين يحملان الدم إلى البطن الأوسط والمؤخر والبطن الأوسط كدهليز ومنفذ بين المقدم والمؤخر وسقفه معقود كالأزج والدماغ موضوع طولا على زائدتين متقاربتين فيتماسان ويتباعدان إلى الانفراج فيفتح الدهليز ويتراءى البطنان المقدم والمؤخر والجزء المؤخر أخفى تدويرا من المقدم وأصغر زردا وهو كرى الاستطالة ويستدق على التدريج حتى يسيل منه النخاع كالجدول من العين
وفي الدماغ مجريان أحدهما في آخر المقدم والمؤخر في الأوسط لدفع فضوله ويجتمعان عند منفذ واحد عميق أولهما في الغشاء الرقيق والآخر في الغشاء الصلب يأخذ إلى ضيق كالقمع
ولما كان الدماغ مبدأ حركات البدن إلى إرادته ولم يكن به حاجة إلى الحركة القوية فحوط عليه بسور من عظام بخلاف المعدة والكبد والرحم وسائر آلات الغذاء فإنها لما احتاجت إلى أن تتسع وتمتلئ بالغذاء فتحمل مرة بعد أخرى وأن تعصر الفضول فتخرجها والعظم يمنع من ذلك ويكتفي فيه الفصل وحده فأحيط عليه بسور من عظم
وأما الصدر فإنه لما احتاج إلى الوثاقة بالعظام وإلى الحركة بالفصل ألف الصدر منهما وكان البطن أوسع من الصدر لما يحل بها من آلات الغذاء والتنفس والطحال والمريء وغيرها فصل
فاستقبل الآن النظر في نفسك وانظر إلى المبدأ الأول وهو النطفة التي هي قطرة مهينة ضعيفة لو تركت ساعة لبطلت وفسدت كيف أخرجها رب الأرباب من بين الصلب والترائب وكيف أوقع المحبة والألفة بين الذكور والإناث ثم قادهما بسلسلة المحبة والشهوة إلى الاجتماع ثم استخرج النطفة من الذكر بحركة الوقاع من أعماق العروق وجمعها في الرحم في قرارمكين لا تناله يد ولا تطلع عليه شمس ولا يصيبه هواء ثم صرف تلك النطفة طورا بعد طور وطبقا بعد طبق وغذاها بماء الحيض

__________


الصفحة التالية
Icon