سورة المدثر:
بسم الله الرحمن الرحيم
قد ذكرنا من خففه١.ومن ذلك قراءة الحسن: "وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ٢"، جزما.
وقرأ الأعمش: "تَسْتَكْثِرُ"، نصبا.
قال أبو الفتح: أما الجزم فحتمل أمرين:
أحدهما: أن يكون بدلا من قوله: ﴿تَمْنُن﴾، حتى كأنه قال: لا تستكثر، فإن قال. فعبرة البدل أن يصلح لإقامة الثاني مقام الأول، نحو ضربت أخاك زيدا، فكأنك قلت: ضربت زيدا، وأنت لو قلت: لا تستكثر لم يدللك النهي عن المن للاستكثار، وإنما كان يكون فيه النهي عن الاستكثار مرسلا، وليس هذا هو المعنى، وإنما المعنى: لا تمنن من مستكثر، أي: امنن من من لا يريد عوضا، ولا يطلب الكثير عن القليل.
قيل: قد يكون البدل على حذف الأول، وكذلك أيضا قد يكون على نية إثباته. وذلك كقولك: زيد مررت به أبي محمد، فتبدل أبا محمد من الهاء. ولو قلت: زيد مررت بأبي محمد على
١ يريد خفف "المدثر"، فجعلها خفيفة الدال مفتوحتها، وانظر الصفحة ٣٣٥ من هذا الجزء.
٢ سورة المدثر: ٦.
٢ سورة المدثر: ٦.