وإن لم يكن هناك موجب للحركة لالتقاء الساكنين، ولولا ذلك لوجب١ تسكين باء رب، كتسكين لام هل وبل، ودال قد إذ لا ساكنين هناك فتجب الحركة لالتقائهما. ولهذا نظائر كثيرة في المجيء باللفظ على حكم لفظ آخر لأنه في معناه وإن عرى هذا من موجب اللفظ في ذاك، نحو تصحيح عور وحول لأنهما في معنى ما لا بد من صحته، وهو اعور واحول.
ولولا الإطالة المعقود على تحاميها، وتجنب الإكثار بها - لأوسعنا ساحة القول في هذا ونحوه، ولم نقتصر على ما نورده منه. ولولا ما رددناه من شاهد قد مضى هو أو مثله فليكون٢ الموضع المقول عليه حاملا لنفسه، ناهضا بشواهده، لا سيما مع م لا يؤمن من شذوذ ما قبله، فيختل الموضع لذلك.

١ المراد أنه ليس في، رب" موجب التحريك تخلصا من التقاء الساكنين، ولولا الإدغام الناشيء من تكرار الباب لوجب...
٢ كذا بالنسختين، ويحتاج الكلام لكي يتضح معناه إلى تقدير جواب لولا يمكن أن يكون معه وجه لفاء "فليكون"، كأن يقال: لولا تكرار الشواهد وتشابهها لبسطنا القول، وإذا كنا آثرنا الإيجاز فليكون.

سورة الإنسان:

بسم الله الرحمن الرحيم

قرأ: "وَاسْتَبْرَق١"، بوصل الألف، وفتح القاف - ابن محيصن.
قال أبو الفتح: قد تقدم القول على هذا عند قول الله تعالى: ﴿بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ ٢﴾ وغيره.
ومن ذلك قراءة عبد الله بن الزبير وأبان بن عثمان: "والظالمون أعدّ"، بالواو.
قال أبو الفتح: هذا على ارتجال جلمة مستأنفة، كأنه قال: الظالمون أعد لهم عذابا أليما، ثم إنه عطف الجملة على ما قبلها. وقد سبق الرفع إلى مبتدئها، غير أن الذي عليه الجماعة أسبق، وهو النصب. ألا ترى أن معناه يدخل من يشاء في رحمته ويعذب الظالمين؟ فلما أضمر هذا الفعل فسره بقوله: ﴿أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾، وهذا أكثر من أن يؤتى له بشاهد.
١ سورة الإنسان: ٢١.
٢ انظر الصفحة ٣٠٤ من هذا الجزء.


الصفحة التالية
Icon