ومعنى "وسطن"، خفيفة كمعنى توسط، ألا ترى إلى قوله:

فتوسطا عرض السرى وصدعا مسجورة متجاورا قلامها١
ووسطنه -مشددة- أقوى معنى وسطنه مخففا، لما مع التشديد من معنى التكثير والتكرير
سورة القارعة:
لا شيء فيها
١ البيت للبيد من معلقته، وروى "فرمى بها" مكان فتوسطا. وضمير "فتوسطا" للعير وأتانه في الأبيات السابقة. والعرض: الناحية. والسرى: النهر الصغير، والجمع الأسرية. والتصديع: التشقيق. ومسجورة مملوءة، يريد: عينا مملوءة، فحذف الموصوف لدلالة صفته عليه. والقلام: ضرب من النبت، وقيل: هو القصب. يقول: إن العير وأتانه قد وردا عينا ممتلئة ماء، وقد كثر من حولها القلام وتجاور، فدخلا إليها من عرض نهرها. وانظر ديوان الشاعر: ٣٠٧، وشرح المعلقات السبع للزوزني: ١٠٢، واللسان "صدع".

سورة التكاثر:

بسم الله الرحمن الرحيم

روى عن الحسن وأبي عمرو -واختلف عنهما- أنهما همز "لَتَرَؤنَّ الْجَحِيمَ، ثُمَّ لَتَرَؤنَّهَا١".
قال أبو الفتح: هذا على إجراء غير اللازم مجرى اللازم، وله باب في كتابنا الخصائص٢، غير أنه ضعيف مرذول. وذلك أن الحركة فيه لالتقاء الساكنين، وقد كررنا في كلامنا أن أعراض التقاء الساكنين غي محفول بها، هذا إذا كانا في كلمتين، إلا أن الساكنين هنا مما هو جار مجرى الكلمة الواحدة.
ألا ترى أن النون تبنى مع الفعل كخمسة عشر، وذلك في قولك: لأفعلن كذا؟ فمن ههنا ضارعت حركة نون أين، وفاء كيف، وسين أمس، وهمزة هؤلاء، وذال منذ. وكل واحدة من هذه الحركات معتدة، وإن كانت لالتقاء الساكنين.
ألا ترى أنهم احتسبوها، وأثبتوها، وجعلوا ما هي فيه مبنيا عليها؟ وهذه الحركات -لما ذكرنا من كونها في كلمة واحدة- أقوى من حركات التقائهما في المنفصلين.
١ سورة التكاثر: ٦، ٧.
٢ الخصائص: ٣: ٨٧.


الصفحة التالية
Icon