الباب الأول: "في القراءات والمقرئ والقارئ وما يلزمهما وما يتعلق بذلك"
القراءات علم بكيفية أداء كلمات القرآن واختلافها بعزو الناقلة. خرج النحو واللغة والتفسير وما أشبه ذلك. والمقرئ العالم بها وراها مشافهة، فلو حفظ "التيسير" مثلا ليس له أن يقرئ بما فيه إن لم يشافهه من شوفه به مسلسلا لأن في القراءات أشياء لا تحكم إلا بالسماع والمشافهة. والقارئ المبتدئ من شرع في الإفراد إلى أن يفرد ثلاثا من القراءات، والمنتهى من نقل القراءات أكثرها وأشهرها. وأول ما يجب على كل مسلم أن يخلص النية لله تعالى في كل عمل يقربه إليه، وأن يقصد به رضا الله تعالى لا غير قال تعالى: ﴿مَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [البينة: ٥] و ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾ [المائدة: ٢٧] وعلامة صدق المخلصين ما قاله السيد ذو النون المصري: ثلاث من علامات الإخلاص: استواء المدح والذم من العامة، ونسيان رؤية الأعمال في الأعمال، واقتضاء ثواب الأعمال في الآخرة. والذي يلزم المقرئ أن يختلق به من العلوم قبل أن ينصب نفسه للاشتغال أن يعلم من الفقه ما يصلح به أمر دينه، ولا بأس من الزيادة في الفقه بحيث إنه يرشد طلبته، وغيرهم إذا وقع لهم شيء، ويعلم من الأصول قدر ما يدفع به شبهة من يطعن في بعض القراءات، وأن يحصل جانبا من النحو والصرف بحيث إنه يوجه ما يقع له من القراءات، وهذا من أهم ما يحتاج إليه وإلا يخطئ في كثير مما يقع في وقف حمزة والإمالة ونحو ذلك
من الوقف والابتداء وغيره، وما أحسن قول الإمام أبي الحسن الحصري:
لقد يدعي علم القراءات معشر | وباعهم في النحو أقصر من شبر |
فإن قيل ما إعراب هذا ووجهه؟ | رأيت طويل الباع يقصر عن فتر |