ب- المآخذ على تأويله:
المأخذ الأول: تفسير القرآن بالأعراف، والعرف مختلف باختلاف الناس والزمان والمكان، وذلك كما ترى في قوله: "وقد جرى العرف على تسمية الأشياء التي يعجز الناس عن تعليلها بأنها سماوية".
المأخذ الثاني: صرف القرآن عن الظاهر المتبادر، وعن دلالة السياق، ليوافق رواية في الإنجيل لو سلمنا جدلا بصحتها فهي مختلفة عن مائدة الحواريين، ثم دعواه أنه يتحدى لجنة العلماء أن تأتي من ألفاظه ما يبين أنه قال بصحة إنجيل (متى)، ونقول له لا دليل عليك أقوى ولا أبلغ مما فعلت.
المأخذ الثالث: زعمه أن١ معجزة المائدة ليس فيها نص قطعي الثبوت والدلالة، وهو زعم ما كان لمثله أن ينزل نفسه هذا المنزل الوعر، فآيات سورة المائدة قطعية الثبوت إيمانا يقينا منا ومنه، ودلالتها أيضا كذلك.
المأخذ الرابع: اعترافه صراحة بأنه اتخذ التأويل سلما للإنكار، وذلك حين قال في خاتمة رده٢: "هل يزيد ما قلته على أني أنكر نزول المائدة؟ وهل يعيبني عند ربي أن أنتظم في صف مجاهد والحسن؟ ".
المأخذ الخامس: مع أننا لا نأخذ في هذه المسألة برأي مجاهد والحسن رحمهما الله وغفر لهما، إلا أن تأويل الشيخ النجار يختلف تماما عن صنيعهما.
المأخذ السادس: نقله بعض المسطور في كتب التفسير، دون الإشارة إلى أن أصحاب هذه التفاسير ينقلون ما يوافقهم وما يخالفهم، وقد سبق أن نقلنا لقارئ هذه الأسطر عن الطبري وابن كثير ما يبين إيمانهما بنزول المائدة، ولكن الشيخ كان يوهم القارئ بترجيح المفسرين لما ليس براجح عندهم.
المأخذ السابع: قوله إن كلمة (الإنزال) في القرآن وردت لعديد من المعاني غير معناها الأول، وهو الإنزال من السماء إلى الأرض، ليكون هذا التلبيس عونا له على تأويله.
المأخذ الثامن: يظهر للمتمعن لآراء الشيخ أنه ينكر نزول المائدة؛ اتباعا لمذهب عقلي جامح يحاول أن يخضع الأخبار الغيبية في القرآن للمنطق المادي.
٢ هذه العبارات منقولة من قصص الأنبياء كما سبقت الإشارة، ورأينا تجنبا للتكرار إيراد مآخذنا مع عبارته المنتقدة.