والحلقة الثالثة: بأن الرجعة لم تثبت بظواهر الأخبار، ثم يدعي أن العبرة بإجماع الشيعة، والرجعة أمر غيب، والأمور الغيبية لا تثبت إلا بالنقل، لا بالإجماع؛ إذ كيف يجمع فريق من الناس على أن أمرا سيقع إلا إذا كان لهم برهان من كتاب من عند الله، أو خبر عن نبي مرسل، أو سولت لهم أنفسهم أنهم يعلمون الغيب!!.
ج- زعم الشيعة أن الرسول ﷺ سمى عليا رضي الله عنه (دابة الأرض) :
ولم يقتصر الشيعة في أمر الدابة على ما سبق ذكره، وإنما ينقل الطباطبائي١ عن القمي تفسير آية النمل المذكورة؛ أن رسول الله ﷺ مرّ بِعَليّ رضي الله عنه وهو نائم بالمسجد، فحركه برجله ثم قال له: "قم يا دابة الأرض"؛ فقال رجل من أصحاب النبي يا رسول الله: أيسمى بعضنا بعضا بهذا الاسم؟ فقال: لا والله، ما هو إلا له خاصة، وهو (الدابة) الذي ذكره الله في كتابه.. ثم قال: "يا علي إذا كان آخر الزمان أخرجك الله في أحسن صورة، ومعك ميسم تسم به أعداءك".
ثم روى الطباطبائي أن رجلا قال لأبي عبد الله عليه السلام: "إن هذه الآية إنما هي (تكلمهم) فقال: كَلمَهم الله في نار جهنم، إنما هي تكلمهم من الكلام".
ثم بين الطباطبائي أن الروايات في هذا المعنى من طرق الشيعة كثيرة.
ثم نقل عن القمي ما نقله قبله الطبرسي من أن "قوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً﴾ إنما هي في الرجعة وليست في القيامة" ا؟- بإيجاز.
ويذهب الطباطبائي٢: "إلى أن المقصود بالدابة ما يدب على الأرض من إنسان أو حيوان، وأن المقصود بإخراجه: الإحياء والبعث بعد الموت.. وأن سكوت القرآن عن تفصيل القول في أخبار الدابة دليل القصد إلى الإبهام، ليكو الكلام مرموزا فيه..".
وما ساق الطباطبائي هذه المقدمات إلا ليستدل بها على الرجعة.
د- رأي شيعي معاصر:
وتقتضينا الأمانة العلمية أن نذكر رأيا لأحد الشيعة المعاصرين حول موضوع الدابة، ونصه هو٣: "أما الدابة فقد كثر الكلام فيها، والله سبحانه لم يبين ما هي، والحديث عن

١ هو علي بن إبراهيم القمي الذي سبق ذكره، وكتابه في التفسير من المراجع الرئيسية عند الشيعة، وهو مصنع لتفريغ الغلو والخرافة.
٢ الميزان ج ١٥ ص ٣٩٦.
٣ انظر التفسير الكاشف ج ٢٠ ص ٤٠ للقاضي الشيعي اللبناني محمد جواد مغنية وتفسيره يقع في سبعة مجلدات.


الصفحة التالية
Icon