ضدُّ الكذبِ، وقد تقدَّم فَيُعْرَفُ مِنْ هناك، والصديقُ مشتقٌّ منه لصِدْقِه في الودِّ والنصحِ، والصِّدْقُ من الرماح: الصُّلبة.
قوله تعالى: ﴿فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ﴾ :«إنْ» الشرطيةُ داخلةٌ على جملة «لم تفعلوا» وتفعلوا مجزومٌ بلم، كما تدخل إنْ الشرطيةُ على فعلٍ منفي بلا نحو: ﴿إنْ لا تفعلوه﴾ [الأنفال: ٧٣] فيكون «لم تفعلوا» في محلِّ جزم بها.
وقوله: «فاتَّقوا» جوابُ الشرطِ، ويكونُ قولُه: «ولَنْ تفعلوا» جملةً معترضةً بين الشرطِ وجزائه. وقال جماعةٌ من المفسرين: معنى الآيةِ: وادعوا شهداءَكم مِنْ دونِ اللهِ إنْ كنتم صادِقين، ولَنْ تَفْعلوا فإنْ لم تَفْعلوا فاتَّقوا النار. وفيه نظرٌ لا يَخْفى. وإنما قال تعالى: ﴿فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ﴾ فَعَبَّر بالفعلِ عن الإِتْيانِ لأن الفعلَ يجري مَجْرى الكناية، فيُعَبَّر به عن كلِّ فعلٍ ويُغْني عن طول ما تَكْني به. وقال الزمخشري: «لو لم يَعْدِلْ من لفظِ الإِتيانِ إلى لفظِ الفعلِ لاسْتُطِيل أن يقال: فإنْ لم تأتوا بسورةٍ من مثله ولَنْ تأتوا بسورةٍ مِنْ مثلِه». قال الشيخ: «ولا يَلْزَمُ ما قال لأنه لو قال:» فإنْ لم تأتوا ولَنْ تأتوا «كان المعنى على ما ذَكَر، ويكونُ قد حَذَفَ ذلك اختصاراً، كما حَذَف اختصاراً مفعولَ ﴿لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ﴾، ألا ترى أنَّ التقدير: فإنْ لم تفعلوا الإِتيانَ بسورةٍ من مِثله، ولن تفعلوا الإِتيانَ بسورةٍ من مثله».
و «لَنْ» حرفُ نَصْبٍ معناه نَفْيُ المستقبل، ويختصُّ بصيغةِ المضارع ك «لم»، ولا يقتضي نََفْيُه التأبيدَ، وليس أقلَّ مدةً مِنْ نفي لا، ولا نونُه بدلاً من