وأصلُ» يَعْتَدُون «يَعْتَدِيُونَ، ففُعِل به ما فُعِل ب ﴿يتَّقون﴾ [البقرة: ٢١] من الحَذْفِ والإِعلال وقد تقدَّم، فوزنُه يَفْتَعُون. والواوُ من» عَصَوْا «واجبةُ الإِدغام في الواوِ بعدَها لانفتاحِ ما قبلَها، فليسَ فيها مَدٌّ يمنعُ مِن الإِدغامِ، ومثلُه: ﴿فَقَدِ اهتدوا وَّإِن تَوَلَّوْاْ﴾ [آل عمران: ٢٠] وهذا بخلافِ ما إذا انضمَّ ما قبل الواوِ، فإنَّ المدَّ يقومُ مَقامَ الحاجز بين المِثْلَيْن فيجبُ الإِظهارُ، نحو ﴿آمَنُواْ وَعَمِلُواْ﴾ [البقرة: ٢٥] ومثلُه: ﴿الذى يُوَسْوِسُ﴾ [البقرة: ١٢٦].
قولُه تعالى: ﴿مَنْ آمَنَ بالله﴾.. «مَنْ» يجوز فيها وجهان، أحدُهما: أن تكونَ شرطيّةً في محلِّ رفعٍ بالابتداءِ، و «آمَن» مجزومٌ بها تقديراً وهو الخبرُ على الصحيحِ حَسْبما تقدَّم الخلافُ فيه. وقوله: «فلهم» جواب الشرط، وهذه الجملة الشرطية في محل رفع خبراً ل «إنَّ» في قوله: إنَّ الذين آمنُوا، والعائدُ محذوفٌ تقديرُه: مَنْ آمن منهم، كما صَرَّح به في موضعٍ آخَر. والثاني: أن تكونَ موصولةً بمعنى الذي ومَحَلُّها حينئذٍ النصبُ على البدلِ مِنْ اسمِ «إنَّ» وهو «الذين» بدلِ بعضٍ من كلٍّ، والعائذُ أيضاً محذوفٌ كما تقدْم، و «آمن» صلتُها، فلا محلَّ له حينئذ.
وقوله: ﴿فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ﴾ خبرُ «إنَّ الذين»، ودخلتِ الفاءُ لأن الموصولَ يُشْبه الشرطَ، وهذا عند غيرِ الأخفش، وأمَّا الأخفش فنُقِل عنه أنَّه إذا نُسِخ المبتدأ ب «إنَّ» يمتنعُ ذلكَ فيه، فمحلُّ قولِه ﴿فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ﴾ رفعٌ على هذا