وكذلك ﴿وَمَا الله بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ قُرِئَ في المشهورِ بالغَيْبَةِ والخطابِ، والكلامُ فيهما كما تقدَّم.
وتقدَّم نظائرُ ﴿أولئك الذين اشتروا﴾.. وما بعدَه. إلا أنَّ بعضَ المُعْرِبين ذَكَر وجوهاً مردودةً لا بدَّ من التنبيهِ عليها، فأجاز أن يكونَ «أولئك» مبتدأ، و ﴿الذين اشتروا﴾ خبرَه، و ﴿فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ العذاب﴾ خبراً ثانياً لأولئك، قال: «ودخَلَتِ الفاءُ في الخبر لأجلِ الموصولِ المُشْبِهِ للشرطِ وهذا خطأٌ، فإن قوله: ﴿فَلاَ يُخَفَّفُ﴾ لم يَجْعَلْهُ خبراً للموصول حتى تَدْخُلَ الفاءُ في خبره، وإنما جَعَلَه خبراً عن» أولئك «وأينَ هذا مِنْ ذاك؟ وأجاز أيضاً أن يكونَ» الذين «مبتدأ ثانياً، و ﴿فَلاَ يُخَفَّفُ﴾ خبرَهُ، دخَلْت لكونِه خبراً للموصولِ، والجملةُ خبراً عن» أولئك «قال:» ولم يُحْتَجْ هنا إلى عائدٍ لأنَّ «الذين» هم «أولئك» كما تقولُ: «هذا زيدٌ منطلقٌ»، وهذا أيضاً خَطَأٌ لثلاثةِ أوجهٍ أحدُها: خُلُوُّ الجملةِ مِن رابطٍ/، قوله: «لأن الذين هم أولئك» لا يفيدُ لأنَّ الجملةَ المستغنِيَةَ لا بُدَّ وأنْ تكونَ نفسَ المبتدأ، وأمَّا تنظيرُه ب «هذا زيدٌ منطلقٌ» فليس بصحيحٍ، فإنَّ «هذا» مبتدأٌ، و «زيدٌ» خبرٌ، و «منطلقٌ» خبرٌ ثانٍ، ولا يجوزُ أن يكونَ «زيدٌ» مبتدأً ثانياً، و «منطلقٌ» خبرَه والجملةُ خبرٌ عن الأول للخلوِّ من الرابط. الثاني: أن الموصولَ هنا لقومٍ معيَّنين وليس عاماً، فلم يُشْبِه الشرط فلا تَدْخُلُ الفاءُ في خبره. الثالث: أن صلته ماضيةٌ لفظاً ومعنىً، فلم يُشْبِهْ فعلَ الشرطِ في الاستقبال فلا يجوزُ دخولُ الفاءِ في الخبرِ. فتعيَّن أن يكون «أولئك» مبتدأً والموصولُ بصلتِه خبرَه، و ﴿فَلاَ يُخَفَّفُ﴾ معطوفٌ على الصلةِ، ولا يَضُرُّ تخالُفُ الفِعْلَيْنِ في الزمانِ، فإنَّ الصلاتِ من


الصفحة التالية
Icon