قَبيل الجملِ، وعَطْفٌ الجملِ لا يُشْتَرَطُ فيه اتحادُ الزمانِ، يجوزُ أن تقولَ: «جاء الذي قَتَلَ زيداً أمسٍ وسيقتُل عمراً غداً»، وإنما الذي يُشْتَرَطُ فيه ذلك حيث كانت الأفعالُ مُنَزَّلَةً منزلةَ المفرداتِ.
قوله: ﴿وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ﴾ يجوز في «هم» وجهانِ، أحدُهما: أن يكونَ في محلِّ رفعٍ بالابتداءِ وما بعده خبرُه، ويكون قد عَطَفَ جملةً اسميةً على جملةٍ فعليةٍ وهي: ﴿فلا يُخَفَّفَ﴾. والثاني: أن يكونَ مرفوعاً بفعلٍ محذوفٍ يُفَسِّرهُ هذا الظاهرُ، وتكونُ المسألةُ من بابِ الاشتغالِ، فلمَّا حُذِفَ الفعلُ انفصلَ الضميرُ، ويكونُ كقولِه:
٦٠٠ - وإنْ هُو لم يَحْمِلْ على النفسِ ضَيْمَها | فليسَ إلى حُسْنِ الثَّنَاءِ سَبيلُ |
قوله تعالى: ﴿وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بالرسل﴾.. التضعيفُ في «قَفَّيْنا» ليس للتعديةِ، إذ لو كانَ كذلك لتعدَّى إلى اثنينِ لأنه قبلَ التضعيفِ يتعدَّى لواحدٍ، نحو: قَفَوْت زيداً، ولكنه ضُمِّن معنى «جِئْنا» كأنه قيل: وجئنا من بعده بالرسلِ. فإنْ قيل: يجوزُ أن يكونَ متعدِّياً لاثنين على معنى أنَّ الأولَ محذوفٌ والثاني «بالرسل» والباءُ فيه زائدةٌ تقريرُه: ﴿وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بالرسل﴾.