لا لامُ التعديةِ، ومجرورُها مفعولٌ من أجلِه لا مفعولٌ به. وأمّا «غَفَر» فَذُكِرَ مفعولُه في القرآنِ تارةً: ﴿وَمَن يَغْفِرُ الذنوب إِلاَّ الله﴾ [آل عمران: ١٣٥]، وحُذِف أخرى: ﴿وَيَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ﴾ [المائدة: ٤٠]. والسين في «استغفر» للطلبِ على بابها. والمفعولُ الثاني هنا محذوفٌ للعلم به، أي: مِنْ ذنوبكم التي فَرَطَتْ منكم.
قوله تعالى: ﴿مَّنَاسِكَكُمْ﴾ : جمعُ «مَنْسَك» بفتحِ السين وكسرِها، وسيأتي تحقيقُهما، وقد تقدَّم اشتقاقها قريباً. والقُراء على إظهار هذا، وروى عن أبي عمرو الإِدغامُ، قالوا: شَبَّه الإِعرابِ بحركةِ البناءِ فَحَذَفَها للإِدغام، وأدغم أيضاً «مناسككم» ولم يُدْغِم ما يُشْبِهه من نحو: ﴿جِبَاهُهُمْ﴾ [التوبة: ٣٥] و ﴿وُجُوهُهُمْ﴾ [آل عمران: ١٠٦] قوله: ﴿كَذِكْرِكُمْ آبَآءَكُمْ﴾ الكافُ كالكاف في قوله ﴿كَمَا هَدَاكُمْ﴾ [البقرة: ١٩٨] إلاَّ في كونِها بمعنى «على» أو بمعنى اللام، فَلْيُلتفت إليه. والجمهورُ على نصبِ «آباءكم» مفعولاً به، والمصدرُ مضافٌ لفاعِلِه على الأصل. وقرأ محمد بن كعب: «آباؤكم» رفعاً، على أنَّ المصدرَ مضافٌ للمفعولِ، والمعنى: كما يَلْهَجُ الابنُ بذكر أبيه. ورُوِيَ عنه أيضاً: «أباكم» بالإِفراد على إرادة الجنسِ، وهي توافِقُ قراءةَ الجماعة في كونِ المصدر مضافاً لفاعله، ويَبْعُد أن يقال: هو مرفوعٌ على لغةِ مَنْ يُجري «أباك» ونحوَهُ مُجرى المقصورِ.