فكذلك الأمرُ منه، فوزن «قِنا» حينئذ: عِنا، والأصل: اوْقِنا، فلمَّا حُذِفَت الفاءُ اسْتُغْنِي عن همزةِ الوصلِ فَحُذِفَتْ. و «عذاب» مفعولٌ ثانٍ.
قوله تعالى: ﴿أولئك﴾ : مبتدأ و «لهم» خبرٌ مقدم، و «نصيب» مبتدأ، وهذه الجملةُ خبرُ الأولِ، ويجوز أن يكونَ «لهم» خبرَ «أولئك»، و «نصيب» فاعلٌ به لِما تضمَّنه من معنى الفعلِ لاعتمادِه، والمشارُ إليه بأولئك فيه قولان، أظهرهُما: أنهما الفريقان: طالبُ الدنيا وحدَها وطالبُ الدنيا والآخرة. وقيل: بل للفريقِ الأخيرِ فقط، أعنى طالبَ الدنيا والآخرة.
قوله: ﴿مِّمَّا كَسَبُواْ﴾ متعلقٌ بمحذوفٍ لأنه صفةٌ ل «نصيب»، فهو في محلِّ رفعٍ. وفي «مِنْ» ثلاثةُ أقوال، أحدُها: أنها للتبعيض، أي: نصيب من جنس ما كسبوا. والثاني: أنها للسببيةِ، أي: من أجلِ ما كَسَبوا. والثالث: أنها للبيان. و «ما» يجوزُ فيها وجهان، أن تكونَ مصدريةً أي: مِنْ كَسْبِهم، فلا تحتاجُ إلى عائدٍ. والثاني: أنها بمعنى الذي، فالعائدُ محذوفٌ لاستكمال الشروط، أي: من الذي كسبوه.
قوله تعالى: ﴿مَّعْدُودَاتٍ﴾ : صفة لأيام، وقد تقدَّم أن صفةَ ما لا يعقل يَطَّرِد جَمْعُها بالألفِ والتاءِ. وقد طَوَّل أبو البقاء هنا بسؤال وجواب، أما السؤالُ فقال: إنْ قيل «الأيام» واحدُها «يوم» و «المعدودات» واحدتُها «معدودةٌ»، واليومُ لا يُوَصَفُ بمعدودة لأنَّ الصفةَ هنا مؤنثة والموصوفُ مذكَّر، وإنما الوجهُ أن يقالَ: «أيامٌ معدودةٌ» فَتَصِفُ الجمع بالمؤنثِ، فالجوابُ أنه أَجْرى «معدودات» على لفظ أيام، وقابَلَ الجمعَ بالجمع مجازاً، والأصلُ معدودة، كما قال: {لَن تَمَسَّنَا النار إِلاَّ أَيَّاماً