قوله: ﴿كَمَا عَلَّمَكُم﴾ الكافُ في محلِّ نصبٍ: إمَّا نعتاً لمصدرٍ محذوفٍ، أو حالاً من ضميرِ المصدر المحذوفِ، ويجوزُ فيها أن تكونَ للتعليلِ أي: فاذكروه لأجلِ تعليمِهِ إياكم. و» ما «يجوزُ أَنْ تكونَ مصدريةً وهو الظاهرُ، ويجوزُ أَنْ تكونَ بمعنى الذي، والمعنى: فصَلُّوا الصلاةَ كالصلاةِ التي عَلَّمكم، وعَبَّر بالذكر عن الصلاةِ، ويكونُ التشبيهُ بين هيئتي الصلاتين الواقعةِ قبلَ الخوفِ وبعدَه في حالةِ الأمنِ. قال ابنُ عطية:» وعلى هذا التأويلِ يكونُ قولُه: ﴿مَّا لَمْ تَكُونُواْ﴾ بدلاً من «ما» في «كما» وإلاَّ لَم يَتَّسِقْ لفظُ الآية «قال الشيخ:» وهو تخريجٌ ممكِنٌ، وأحسنُ منه أن يكونَ «ما لم تكونوا» بدلاً من الضمير المحذوفِ في «عَلَّمكم» العائدِ على الموصول، إذ التقديرُ: عَلَّمكموه، ونَصَّ النحويون على أنه يجوزُ: ضَرَبْتُ الذي رأيتُ أخاك «أي: رأيته أخاك، فأخاك بدلٌ من العائدِ المحذوف».
قوله تعالى: ﴿والذين يُتَوَفَّوْنَ﴾ فيه ثمانية أوجهٍ، أحدُها: أنه مبتدأ، و «وصيةًٌ» مبتدأٌ ثانٍ، وسَوَّغَ الابتداءَ بها كونُها موصوفةً تقديراً، إذ التقديرُ: «وصيةٌ من الله» أو «منهم» على حَسَبِ الخلافِ فيها: أهي واجبةٌ من الله أو مندوبةٌ للأزواج؟ و «لأزواجِهم» خبرُ المبتدأ الثاني فيتعلَّقُ بمحذوفٍ، والمبتدأُ الثاني وخبرُهُ خبرُ الأولِ. وفي هذه الجملةِ ضميرُ الأولِ. وهذه نظيرُ قولِهِم: «السمنُ مَنَوانِ بدرهمٍ» تقديرُهُ: مَنَوانِ منه، وجَعَلَ ابنُ عطية المسوِّغَ للابتداء بها كونَها في موضِعِ تخصيصٍ. قال: «كما حَسُنَ أَنْ يرتفعَ:» سلامٌ عليك «و» خيرٌ بين يديك «لأنها موضعُ دعاءٍ» وفيه نظرٌ.


الصفحة التالية
Icon