غُلِب عمّا يريدُ من الفساد أنَّ الله غيرُ متفضِّلٍ عليه حيث لم يُبْلِغه مقاصده وطلبه، فاستدرك عليه أنَّه وإن لم يَبْلُغْ مقاصده أنَّ الله متفضلٌ عليه ومُحْسِنٌ إليه لأنه مندرجٌ تحت العالمين، وما مِنْ أحدٍ ألا ولله عليه فضلٌ وله فضلُ الاختراعِ والإِيجادِ.
و «على» يتعلَّق ب «فَضْل»، لأنَّ فعلَه يتعدَّى بها، وربما حُذِفَتْ مع الفعلِ. قال - فَجَمع بين الحذف والإِثبات -:

١٠٢٩ - وجَدْنا نَهْشَلاً فَضَلَتْ فُقَيْماً كفَضْلِ ابنِ المَخاض على الفَصيلِ
أمّا إذا ضُعِّف فإنه لا تُحْذَفُ «على» أصلاً كقولِه: ﴿فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ على بَعْضٍ﴾ [البقرة: ٢٥٣]، ويجوزُ ان تتعلَّقٌ «على» بمحذوفٍ لوقوعِها صفةً لفَضْل.
قوله تعالى: ﴿تِلْكَ آيَاتُ الله﴾ : مبتدأٌ وخبرٌ، و «نَتْلوها» فيه قولان، أحدُهما: أن تكونَ حالاً، والعاملُ فيها معنى الإِشارة. والثاني أن تكونَ مستأنفةً فلا محلَّ لها. ويجوزُ غيرُ ذلك، وأَخْذُه مِمّا مضى سَهْلٌ وأُشير إليها إشارةُ البعيدِ لِما تقدَّم في قولِه: ﴿ذَلِكَ الكتاب﴾ [البقرة: ٢]. قوله: «بالحقِّ» يجوزُ فيه أن يكونَ حالاً من مفعولِ «نَتْلوها» أي: ملتبسةً بالحق، أو مِنْ فاعِله؛ أي: نَتْلوها ومعنا الحقُّ، أو من مجرورِ «عليك» أي: ملتبساً بالحق.
قوله تعالى: ﴿فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ﴾ : يجوزُ أن يكونَ حالاً من المشارِ إليه، والعاملُ معنى الإِشارةِ كما تقدَّم، ويجوزُ أن يكونَ مستأنفاً، ويجوزُ أن يكونَ خيرَ «تلك» على أن يكونَ «الرسلُ» نعتاً ل «تلك» أو عطفَ بيانٍ أو بدلاً.


الصفحة التالية
Icon