والثاني: أنَّ «قولٌ معروفٌ» مبتدأٌ وخبرُهُ محذوفٌ أي: أمثلُ أو أَوْلَى بكم، و «مغفرةٌ» مبتدأٌ، و «خيرٌ» خبرُها، فهما جملتان، ذَكَرَهُ المهدويّ وغيرُهُ. قال ابن عطية: «وهذا ذهابٌ برونقِ المعنى». والثالث: أنه خبرُ مبتدأٍ محذوفٍ تقديرُهُ: المأمورُ به قولٌ معروفٌ.
قوله: ﴿يَتْبَعُهَآ أَذًى﴾ في محلِّ جرٍّ صفةً لصدقة، ولم يُعِدْ ذِكْرِ المَنِّ فيقولُ: يتبَعُها مَنٌّ وأذى، لأنَّ الأذى يشملُ المنَّ وغيرَه، وإنَّما ذُكِرَ بالتنصيصِ في قولِهِ: ﴿لاَ يُتْبِعُونَ مَآ أَنْفَقُواُ مَنّاً وَلاَ أَذًى﴾ لكثرةِ وقوعِهِ من المتصدِّقين وعُسْرِ تحَفُّظِهِمْ منه، ولذلك قُدِّمَ على الأذى.
قولُهُ تعالى: ﴿كالذي﴾ :«كالذي» الكاف في محلِّ نصبٍ، فقيل: نعتاً لمصدرٍ محذوفٍ أي: لا تُبْطِلُوها إبطالاً كإبطالِ الذي يُنْفِقُ رئاءَ الناسِ. وقيل: في محلِّ نصبٍ على الحالِ من ضمير المصدرِ المقدَّرِ كما هو رأيُ سيبويه، وقيل: حالٌ من فاعِلِ «تُبْطِلُوا» أي: لا تُبْطِلُوهَا مُشْبِهين الذي يُنْفِقُ رياءَ.
و «رئاءَ» فيه ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُها: أنه نعتٌ لمصدرٍ محذوفٍ تقديرُهُ: إنفاقاً رئاءَ الناس، كذا ذكره مكي. والثاني: أنه مفعولٌ من أَجْلِهِ أي: لأجلِ رئاءِ الناسِ، واستكمل شروطَ النصبِ. والثالث: أنه في محلِّ حالٍ، أي: يُنْفِقُ مرائياً.
والمصدرُ هنا مضافٌ للمفعولِ وهو «الناس»، ورئاءَ مصدرٌ راءى كقاتَلَ قِتالاً، والأصلُ: «رِئايا» فالهمزةُ الأولى عينُ الكلمة، والثانيةُ بدلٌ من ياءٍ هي


الصفحة التالية
Icon