أي: بعضَ سيئاتكم، لأن الصدقاتِ لا تكفِّر جميعَ السيئاتِ، وعلى هذا فالمفعولُ في الحقيقةِ محذوفٌ، أي: شيئاً من سيئاتكم، كذا قَدَّرَهُ أبو البقاء. والثاني: أنها زائدةٌ وهو جارٍ على مذهبِ الأخفش وحكاه ابنُ عطية عن الطبري عن جماعةٍ، وجَعَلَهُ خطأً، يعني من حيث المعنى. ولثالث: أنها للسببيةِ، أي: مِنْ أَجْلِ ذنوبكم، وهذا ضعيفٌ. والسيئاتُ جمعَ سيِّئة، ووزنها فَيْعِلة وعينُها واوٌ، والأصلُ: سَيْوِءَة فَفُعِلَ بها ما فُعِلَ بميِّت، وقد تقدَّمَ.
قوله تعالى: ﴿لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ﴾ :«هُداهم» : اسم ليس وخبرُها الجارُّ والمجرورُ. و «الهُدَى» مصدرٌ مضافٌ إلى المفعولِ، أي: ليس عليك أن تهديَهم، ويجوز أن يكونَ مضافاً لفاعلِهِ، أي: ليس عليك أن يَهْتدَوا، يعني: ليس عليك أن تُلْجِئَهم إلى الاهتداء.
وفيه طباقٌ معنويٌّ، إذ التقدير: هدى للضالين. وفي قوله: ﴿ولكن الله يَهْدِي﴾ مع قوله «هداهم» جناسٌ مغاير لأنَّ إحدى الكلمتين اسمٌ والأخرى فعلٌ. ومفعولُ «يشاءُ» محذوفٌ، أي: هدايَتَه.
وقوله: ﴿فَلأَنْفُسِكُمْ﴾ خبرٌ لمبتدأٍ محذوفٍ أي: فهو لأنفسكم. وقوله «إلاَّ ابتغاءَ» فيه وجهان، أحدُهما: أنه مفعولٌ من أجله أي: لأجل ابتغاءِ وجهِ اللَّهِ، والشروطُ هنا موجودةٌ. والثاني: أنه مصدرٌ في محل الحالِ، أي: إلاَّ مبتغين، وهو في الحالَيْنِ استثناءٌ مفرَّغٌ، والمعنى: وما تُنْفِقُونَ نفقةً معتدّاً