إنَّ «فعلاً مضارعاً دلالةً على طلبِها استمرارَ الاستعاذة دونَ انقطاعِها، بخلافِ قولِه:» وضَعْتُها وسَمَّيْتُها «حيث أتى بالخبرين ماضِيَيْن لانقطاعِهما، وقَدَّم المعاذَ به على المعطوف اهتماماً به.
وفَتَح نافع ياءَ المتكلم قبل هذه الهمزةِ المضمومةِ، وكذلك كلُّ ياء وقعَ بعدَها همزةٌ مضمومةً إلا موضعين، فإنَّ الكلَّ اتفقوا على سكونها فيهما: ﴿بعهدي أُوفِ﴾ [البقرة: ٤٠] ﴿آتوني أُفْرِغْ﴾ [الكهف: ٩٦]، والباقي عشرة مواضع، هذا الذي في هذه السورة أحدها.
قوله تعالى: ﴿فَتَقَبَّلَهَا﴾ : الجمهور على «تَقَبَّلها» فعلاً ماضياً على تَفَعَّل بتشديدِ العين، و «ربُّها» فاعل بِهِ. وتفعَّل يحتمل وجهين، أحدهما: أن يكونَ بمعنى المجرد أي: فَقَبِلها، بمعنى رَضِيها مكانَ الذَّكَر المنذور، ولم يَقْبَلْ أنثى منذورةً مثلَ مريم، كذا جاء في التفسير، وتَفَعَّل يأتي بمعنى فَعِل مجرداً نحو: تَعَجَّب وعَجِب من كذا، وتبرَّأ وبَرِىء منه. والثاني: أن تفعَّل بمعنى استفعل، أي: فاستقبلها ربُّها يقال: استقبلْتُ الشيء أي: أخذْتُه أولَ مرة، والمعنى: أنَّ الله تولاها في أول أمرها وحين ولادتِها ومنه قوله هو القطامي:
١٢٤٤ - وخيرُ الأمرِ ما استقبَلْتَ منه | وليس بأَنْ تَتَبَّعَه اتِّباعاً |