وقُرىء بفتحِ الهمزة وفيه أوجهٌ، أحدُها: أنه بدلٌ من «آية» كأنَّ التقديرَ: وجِئْتُكم بأنَّ الله ربي وربكم، أي: جِئْتُكم بالتوحيدِ، وقوله: ﴿فاتقوا الله وَأَطِيعُونِ﴾ اعتراضٌ أيضاً. الثاني: أنَّ ذلك على إضمار لامِ العلة، ولامُ العلة متعلقةٌ بما بعدَها من قوله: «فاعبدوه» والتقديرُ: فاعبدوه لأنَّ الله ربي وربُّكم كقولِه تعالى: ﴿لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ﴾ [قريش: ١] إلى أن قال «فَلْيعبدوا» إذ التقديرُ: فليعبدوا لإِيلافِ قريش، وهذا عند سيبويه وأَتْباعِهِ ممنوعٌ؛ لأنه متى كان المعمولُ أَنَّ وما في صلتِها امتنَع تقديمُها على عاملِها، لا يُجيزونَ: «أنَّ زيداً منطلقٌ عَرَفْتُ» تريد: «عَرَفْتُ أنَّ زيداً منطلقٌ» للقبحِ اللفظي، إذ تَصَدُّرُها لفظاً يقتضي كسرَها. الثالث: أن يكونَ «أن الله» على إسقاطِ الخافض وهو «على» و «على» يتعلِّق بآية نفسِها، والتقديرُ: وجِئْتُكم بآيةٍ على أن الله، كأنه قيل: بعلامةٍ ودلالةٍ على توحيدِ الله تعالى، قاله ابن عطية، وعلى هذا فالجملتان الأمريِتَّان اعتراضٌ إيضاً وفيه بُعْدٌ.
وقوله: ﴿هذا صِرَاطٌ﴾ هذا إشارةُ إلى التوحيدِ المَدْلُولِ عليه بقولِهِ: ﴿إِنَّ الله رَبِّي وَرَبُّكُمْ﴾ أو إلى نفسِ «إنَّ الله» باعتبار هذا اللفظِ هو الصراطَ المستقيمَ.
قوله تعالى: ﴿مِنْهُمُ﴾ : فيه وجهان، أحدُهما: أَنْ يتعلَّقَ بأحسَّ، و «مِنْ» لابتداءِ الغاية، أي: ابتداءُ الإِحساسِ مِنْ جهتهم. والثاني: أنه متعلقٌ بمحذوفٍ على أنه حالٌ من الكفر أي: الكفرُ حالَ كونِه صادراً منهم.


الصفحة التالية
Icon