قوله: ﴿وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ﴾ يجوز أن تكونَ هذه الجملةُ مستأنفةً فلا محلَّ لها، وإنما سِيقت للإِخبار بذلك لتضمُّنها معنى التهديد العظيم والوعيدِ الشديد، ويجوزُ أن تكونَ معطوفةٌ على الجملةِ من قولِهِ: ﴿وَلَهُ أَسْلَمَ﴾ فتكونُ حالاً أيضاً، ويكونُ المعنى أنه نَعَى عليهم ابتغاءَ غير دين مَنْ أسلم له جميعُ مَنْ في السماوات والأرض طائِعين ومُكْرَهين ومَنْ مَرجِعُهم إليه.
وقرأ حفص عن عاصم: «يُرْجَعُون» بياء الغيبة ويَحْتَمِل ذلك وجوهاً. أحدها: أَنْ يعودَ الضميرُ على مَنْ أسلم وهو واضح. الثاني: أن يعود على مَنْ عاد عليه ضميرُ «يَبْغَون» في قراءة مَنْ قرأه بالغيبة، وهو أيضاً واضحٌ، ولا التفاتَ في هذين الوجهين. والثالث: أن يعودَ على مَنْ عاد إليه الضمير في «تَبْغَون» في قراءة الخطاب فيكون التفاتاً حينئذٍ. وقرأ الباقون: «تَبْغُون» بالخطاب، فَمَن قرأ «تبغون» بالخطاب فهو واضح، ومَنْ قرأه بالغيبة فيكون هذا التفاتاً منه، ويجوز أن يكون التفاتاً من قوله: ﴿مَنْ فِي السماوات والأرض﴾.
قوله تعالى: ﴿قُلْ آمَنَّا بالله﴾ في هذه الآية احتمالان أحدُهما: أن يكونَ المأمورُ بهذا المقولِ وهو آمنَّا إلى آخره محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم في ذلك معنيان، أحدهما: أن يكون هو وأمته مأمورين بذلك، وإنما حُذِف معطوفُه لفهم المعنى، والتقدير: قل يا محمد أنت وأمتك: آمنَّا بالله، وهذا تقديرُ ابن عطية. والثاني من المعنيين أنَّ المأمور هنا بذلك نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحدَه، وإنما خُوطب بلفظِ الجمع تعظيماً له. قال الزمخشري: «ويجوز أن يُؤْمَرَ بأَنْ يتكلَّم عن نفسِه كما تتكلم


الصفحة التالية
Icon