عَمَل الجار لاعتماده على حرف النفي أي: وما استقر لهم من ناصرين. والثاني: أنه خبر مقدم و «من ناصرين» مبتدأ مؤخر، و «مِنْ» مزيدةٌ على الإِعرابين لوجود الشرطين في زيادتها. وأتى بناصرين جمعاً لتوافِقَ الفواصلَ.
قوله تعالى: ﴿لَن تَنَالُواْ﴾ : النَّيْل: إدراكُ الشيء ولُحوقُه، وقيل هو العطية، وقيل: هو تناوُلُ الشيء باليد، يقال: نِلْتُه أناله نَيْلاً. قال تعالى: ﴿وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً﴾ [التوبة: ١٢٠]. وأمَّا النَّوْلُ بالواو فمعناه التناول، يقال: نِلته أنوله أي: تناولته، وأنلته زيداً أَنوله إياه أي: ناولته إياه، كقولك: عَطَوْتُه أعطوه بمعنى تناولته، وأعطيته إياه إذا ناولته إياه.
وقوله: ﴿حتى تُنْفِقُواْ﴾ بمعنى إلى أن، و «مِنْ» في ﴿مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ تبعيضيةٌ، يدلُّ عليه قراءةُ عبد الله: «بعضَ ما تحبون»، وهذه عندي ليست قراءةً بل تفسيرُ معنى. «ما» موصولةٌ وعائدها محذوف، والقولُ بكونها نكرةً موصوفة لا معنى له، وقد جَوَّز ذلك أبو البقاء فقال: [ «أو نكرةٌ موصوفة، ولا تكون مصدريةً لأنَّ المحبةَ لا تُنْفَقُ، فإنْ جُعِلَتِ المحبة بمعنى المفعول جاز على رأي عليّ» ] يعني يبقى التقدير: من الشيء المحبوب، وهذان الوجهان ضعيفان، والأول أضعف.
وقوله: ﴿وَمَا تُنْفِقُواْ مِن شَيْءٍ﴾ تقدم نظيره في البقرة.