يَتْلُون «وصفاً لقائمة، وفيه نظرٌ؛ لأنَّ المعنى ليس على جَعْلِ هذه الجملةِ صِفةً لما قبلها، بل على الاستئنافِ للبيان المتقدم، وعلى تقديرِ جَعْلِها صفةً لِما قبلها فهي صفةً ل» أمة «لا ل» قائمة «لأنَّ الصفةَ لا تُوصَفُ، إلا أَنْ يكونَ معنى الصفةِ الثانيةِ لائقاً بما قبلها نحو:» مرَرْتُ برجلٍ ناطقٍ فصيحٍ «ف» فصيح «صفة لناطق، لأن معناه لائق به. وبعضهم يجعله وصفاً لرجل، وإنما المانعُ من تعلٌّقِ هذا الظرفِ ب» قائمة «ما ذكرْتُه من استئناف جملته.
قوله: ﴿وَهُمْ يَسْجُدُونَ﴾ يجوزُ أن تكونَ حالاً من فاعلِ»
يَتْلُون «أي: يَتْلُون القرآن وهم ساجِدون، وهذا قد يكونُ في شريعتِهم مشروعيةُ التلاوة في السجودِ بخلافِ شريعتنا، وبهذا يُرَجَّح قولُ مَنْ يقول: إنهم غيرُ أمةِ محمد. ويجوز أن تكونَ/ حالاً من الضمير في» قائمة «قاله أبو البقاء. وفيه ضعفٌ للاستئناف المذكور، ويجوز أن تكون مستأنفة.
قوله تعالى: ﴿يُؤْمِنُونَ﴾.. إلى آخره: إمَّا استئنافٌ وإمَّا احوال، وجيء بالجملة الأولى اسميةً دلالةَ على الاستقرار، وصُدِّرت بضمير، وبُنِي عليه جملةٌ فعليةٌ ليتكرَّرَ الضميرُ فيزدادَ الكلامُ بتكرارِه توكيداً، وجيء بالخبرِ مضارعاً دلالةَ على تجدُّدِ السجود في كلِّ وقتٍ، وكذلك جيء بالجمل التي بعدها أفعالاً مضارعة، ويُحتمل أن يكون «يؤمنون» خبراً ثانياً لقوله: «هم»، ولذلك تُرِك العاطفُ ولو ذُكِر لكان جائزاً. وقوله: ﴿مِنَ الصالحين﴾ يجوز في «مِنْ» أن تكونَ للتبعيض وهو الظاهر. وَجَعَلها ابنُ عطية لبيانِ الجنسِ، وفيه نظرٌ، إذ لم يتقدَّمْ مبهمٌ فتبيِّنْه هذه.


الصفحة التالية
Icon