ضرورةً؛ لأن الذي يَظْلم إنما يَظْلِمُ لانتفاعِه بالظلمِ، فإذا تَرَكَ الظلمَ الكثيرَ مع زيادةِ نَفْعِه في حَقِّ مَنْ يجوزُ عليه النفعُ والضُّرُّ كان للظلمِ القليلِ المنفعةِ أتركَ. الرابع: أن يكونَ على النسبِ أي: لا يُنْسَبُ إليه ظلمٌ، فيكونُ من باب: بَزَّار وعَطَّار، كأنه قيل: ليس بذي ظلم البتة. والخامس: قال القاضي أبو بكر: «العذاب الذي تَوَعَّد أَنْ يفعلَه بهم لو كان ظلماً لكان عظيماً فنفاه على حَدِّ عظمته لو كان ثابتاً».
وقال الراغب بعد تفرقَتِه بين جَمْعَي «عَبْد» على عبيد وعِباد: فالعبيدُ إذا أُضيف إلى الله تعالى أَعَمُّ من العباد، ولهذا قال: ﴿وَمَآ أَنَاْ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ﴾ فنبَّه على أنه لا يَظْلِمُ مَنْ تخصَّص بعبادتِه ومَنِ انتسَبَ إلى غيرِه مِن الذين تَسَمَّوْا بعبدِ الشمس وعبدِ اللات «، وكان الراغبَ قد قَدَّم الفرقَ بين» عبيد «و» عِباد «فقال:» وجَمْعُ العبدِ الذي هو مسترقٌّ «:» عبيد «، وقيل:» عِبِدَّى «، وجمعُ العبد الذي هو العابد» عِباد «. وقد تقدَّم اشتقاقُ هذه اللفظةِ وجموعُها وما قيل فيها.
قوله تعالى: ﴿الذين قالوا﴾ : يجوزُ في مَحَلِّه الألقابُ الثلاثة: فالجَرُّ من ثلاثةِ ِأوجه، الأولُ: أنه صفةٌ ل «الذين» المخفوضِ بإضافة «قول» إليه. الثاني: أنه بدلٌ منه. الثالث: أنه صفةٌ ل «العبيد» أي: ليس بظلاَّم للعبيد الذين قالوا كيتَ وكيتَ، قاله الزجاج. قال ابنُ عطية: «وهذا مُفْسِدٌ للمعنى والرصفِ».
والرفعُ: على القطع بإضمار مبتدأ أي: هم الذين. وكذلك النصبُ على القطعِ أيضاً بإضمارِ فعلٍ لائقٍ أي «اَذُمُّ الذين».