قوله تعالى: ﴿مِّنَ الذين هَادُواْ يُحَرِّفُونَ﴾ : فيه سبعةُ أوجهٍ أحدها: أَنْ يكونَ «مِن الذين» خبراً مقدماً، و «يُحَرِّفون» جملةٌ في محلِّ رفعٍ صفةً لموصوف محذوف هو مبتدأ، تقديره: «من الذين هادوا قومٌ يُحَرِّفون» وحَذَفُ الموصوفِ بعد «مِنْ» التبعيضية جائزٌ، وإنْ كانت الصفةُ فعلاً كقولهم: «منا ظَعَن ومنا أَقام» أي: فريق ظعن، وهذا هو مذهبُ سيبويه والفارسي، ومثلُه:

١٥٩٠ - وما الدهرُ إلا تارتانِ فمِنْهما أموتُ وأُخْرى أبتغي العيشَ أكدحُ
أي: فمنهما تارةً أموت فيها.
الثاني: قول الفراء وهو أنَّ الجارَّ والمجرور خبرٌ مقدم أيضاً، ولكنَّ المبتدأَ المحذوفَ يقدِّرُه موصولاً تقديره: «من الذين هادوا مَنْ يحرفون»، ويكون قد حَمَل على المعنى في «يُحَرِّفون»، قال الفراء: «ومثله:
١٥٩١ - فَظَلُّوا ومنهم دَمْعُه سابقٌ له وآخرُ يَثْني دمعةً العينِ باليدِ
قال:»
تقديرُه: «ومنهم مَنْ دمعُه سابقٌ له». والبصريون لا يجيزون


الصفحة التالية
Icon