للظن تقول: «قتلت هذا الأمر علماً ويقيناً» أي: تحققت، فكأنه قيل: وما صَحَّ ظنهم عندهم وما تحققوه يقيناً ولا قطعوا الظن باليقين.
قوله: ﴿يقيناً﴾ فيه خمسة أوجه، أحدها: أنه نعت مصدر محذوف أي: قتلاً يقيناً. الثاني: أنه مصدر من معنى العامل قبله كما تقدم مجازه، لأنه في معناه أي: وما تيقنوه يقيناً. الثالث: أنه حال من فاعل «قتلوه» أيك وما قتلوه متيقنين لقتله. الرابع: أنه منصوب بفعل من لفظه حُذِف للدلالة عليه. أي: ما تيقَّنوه يقينا، ويكون مؤكداً لمضمون الجملة المنفية قبله. وقدّر أبو البقاء العامل على هذا الوجه مثبتاً فقال: «تقديره: تيقنوا ذلك يقنيا» وفيه نظر. الخامس - ويُنْقل عن ابي بكر بن الأنباري- أنه منصوبٌ بما بعد «بل» من قوله: ﴿رَّفَعَهُ الله﴾ وأن في الكلام تقديماً وتأخيراً أي: بل رفعه الله إليه يقيناً، وهذا قد نَصَّ الخليل فمَنْ دونه على منعِه، أي: إن «بل» لا يعمل ما بعدها فيما قبلها، فينبغي ألا يَصِحَّ عنه، وقوله: ﴿بَل رَّفَعَهُ الله إِلَيْهِ﴾ ردُّ لما ادَّعَوْه مِنْ قتله وصلبه. والضمير في «إليه» عائد على «الله» على حَذْفِ مضاف أي: إلى سمائِه ومحلِّ أمره ونهيه.
قوله تعالى: ﴿وَإِن مِّنْ أَهْلِ الكتاب﴾ :«إنْ» هنا نافيةٌ بمعنى «ما» و «من أهل» يجوز فيه وجهان، أحدهما: أنه صفة لمبتدأ محذوف، والخبرُ الجملةُ القسمية المحذوفة وجوابها، والتقدير: وما أحد من أهل الكتاب إلا واللهِ ليؤمِنَنَّ به، فهو كقوله: ﴿وَمَا مِنَّآ إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ [مَّعْلُومٌ] ﴾ [الصافات: ١٦٤]. أي: ما أحدٌ منا، وكقوله: ﴿وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا﴾ [مريم: ٧١] أي: ما أحد منكم إلا ورادُها، هذا هو الظاهر، والثاني: - وبه قال الزمخشري وأبو البقاء - أنه في