والقُعود والجُلوس، قاله أبو البقاء وغيره. وفيه نظر من حيث إن الفُعول يكون مصدراً للازم، ولا يكون للمتعدي إلا في ألفاظ محفوظةٍ نحو: اللُّزوم والنُّهوك، وزَبَر - كما ترى - متعدٍ، فيضعفُ جَعْلُ الفُعُول مصدراً له، وقد تقدم معنى هذه المادة.
قوله تعالى: ﴿وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ﴾ : الجمهور على نصب «رسلاً» وفيه ثلاثة أوجه، أحدها: أنه منصوب على الاشتغال لوجود شروطه، أي: وقصصنا رسلاً، والمعنى على حَذْف مضاف أي: قصصنا أخبارهم، فيكون «قد قصصناهم» لا محلَّ له لأنه مفسرٌ لذلك العاملِ المضمر، ويُقَوِّي هذا الوجهَ قراءةُ أُبي: «ورسل» بالرفعِ في الموضعينِ، والنصبُ هنا أرجحُ من الرفع؛ لأن العطف على جملةٍ فعلية وهي: «وآتينا داودَ زبوراً» الثاني: أنه منصوب عطفاً على معنى «أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح» أي: أَرْسَلْنا وَنبَّأْنا نوحاً ورسلاً، وعلى هذا فيكون «قد قَصَصْناهم» في محل نصب لأنه صفةٌ ل «رسلاً» الثالث: أنه منصوبٌ بإضمار فعل اي: وأرسلنا رسلاً، وذلك أنَّ الآية نزلت رادَّة على اليهود في إنكارهم إرسالَ الرسل وإنزال الوحي، كما حكى اللَّهُ عنهم في قوله: ﴿مَآ أَنزَلَ الله على بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ﴾ [الأنعام: ٩١] والجملةُ أيضاً في محل الصفة.
وقرأ أُبي: «ورسلٌ» بالرفع في الموضعين، وفيه تخريجان، أظهرُهما: أنه مبتدأ وما بعده خبرُه، وجاز الابتداءُ هنا بالنكرةِ لأحدِ شيئين: إمَّا العطفِ كقولِه:
١٦٧ - ٧-