و «جميعاً» حالٌ أو تأكيدٌ عند مَنْ جَعَلها ك «كل» وهو الصحيح. وقرأ الحسن: «فسنحشرهم» بنونِ العظمة، وتخفيفِ باء «فيعذبهم» وقرئ: «فسيحشرهم» بكسرِ الشين وهي لغةٌ في مضارع «حَشَر».
قوله تعالى: ﴿فَأَمَّا الذين﴾ : قد تقدَّم الكلامُ على نظيرتها. ولكن هنا سؤالٌ حسن قاله الزمخشري وهو: «فإن قلت: التفصيل غيرُ مطابق للمفصَّل، لأنه اشتمل على الفريقين، والمفصَّل على فريق واحد. قلت: هو مثلُ قولك:» جَمَعَ الإِمام الخوارج: فمن لم يخرج عليه كساه حُلَّةً ومَنْ خرج عليه نَكَّل به «وصحةُ ذلك لوجهينِ، أحدُهما: أنه يُحذف ذِكُر أحدِ الفريقين لدلالةِ التفصيل عليه، ولأنَّ ذِكْرَ أحدهما يدل على ذكرِ الثاني كما حذف أحدَهما في التفصيل في قوله عقيب هذا: ﴿فَأَمَّا الذين آمَنُواْ بالله واعتصموا بِهِ﴾ والثاني: وهو أن الإِحسان إلى غيرهم ما يَغُمُّهم فكان داخلاً في جملة التنكيل بهم، فكأنه قيل: ومن يستنكفْ عن عبادتِه ويستكبرْ فسيعذُبهم بالحسرة إذا رأوا أجور العاملين وبما يصيبهم من عذاب الله» انتهى. يعني بالتفصيل قولَه: «فأما» و «أما» وقد اشتمل على فريقين أي: المثابين والمعاقبين، وبالمفصَّل قولَه قبل ذلك: «ومَنْ يستنكف»، ولم يشتمِلْ إلا على فريق واحد هم المعاقبون.
قوله تعالى: ﴿مِّن رَّبِّكُمْ﴾ : فيه وجهان، أظهرهما: أنه متعلق بمحذوف لأنه صفةٌ ل «برهان» أي: برهانٌ كائن من ربكم. «ومِنْ» يجوز أن تكونَ لابتداء الغاية مجازاً، أو تبعيضية أي: من براهين ربكم. والثاني: أنه متعلقٌ بنفسِ «جاء» و «مِنْ» لابتداء الغاية كما تقدم.


الصفحة التالية
Icon