قال تعالى: ﴿إِنَّا كَفَيْنَاكَ المستهزئين﴾ [الحجر: ٩٥]، والمراد بهم مشركو العربِ، ولوضوحِ قراءةِ الجرِّ قال مكي بن أبي طالب: «ولولا اتفاقٌ الجماعة على النصب لاخترت الخفضَ لقوتِه في المعنى، ولقربِ المعطوف من المعطوف عليه».
والضمير في: ﴿اتخذوها﴾ : يجوز أن يعودَ على الصلاة - وهو الظاهر- ويجوز أن يعودَ على المصدرِ المفهومِ من الفعل أي: اتخذوا المناداةَ، ذكره الزمخشري، وفيه بُعْدٌ، إذ لا حاجةَ تدعو إليه مع التصريحِ بما يَصْلُح أن يعودَ عليه الضميرُ بخلاف قوله تعالى: ﴿اعدلوا هُوَ أَقْرَبُ﴾ [المائدة: ٨] /. وقوله: ﴿ذلك بِأَنَّهُمْ﴾ مبتدأٌ وخبر أي: ذلك الاستهزاءُ مستقر بسبب عدم عَقْلِهم.
قوله تعالى: ﴿تَنقِمُونَ﴾ : قراءة الجمهور بكسر القاف، وقراءة النخعي وابن أبي عبلة وأبي حيوة بفتحها، وهاتان القراءتان مُفَرَّعتان على الماضي وفيه لغتان: الفصحى - وهي التي حكاها ثعلب في فصيحه - نَقَم بفتح القاف يَنْقِم بكسرها، والأخرى: نَقِم بكسر القاف ينقَم بفتحها، وحكاها الكسائي، ولم يُقْرأ في قوله تعالى: ﴿وَمَا نَقَمُواْ مِنْهُمْ﴾ [البروج: ٨] إلا بالفتح. وقوله: ﴿إِلاَّ أَنْ آمَنَّا﴾ مفعولٌ ل «تنقمون» بمعنى: تكرهون وتَعيبون وهو استثناء مفرغ. و «منا» متعلقٌ به، أي: ما تكرهون من جهِتنا إلا الإِيمانَ، وأصلُ «نَقَم» أن يتعدَّى ب «على» تقول: «نَقَمْتُ عليه كذا» وإنما عُدِّي هنا ب «مِنْ»