تقديرها: ما تَنْقِمون منا إلا الإِيمان لقلة إنصافِكم وفسقِكم وإتباعِكم شهواتِكم، ويدلُّ عليه تفسيرُ الحسن البصري «بقسقِكم نَقَمتم علينا» ويُروى «لفسقهم نَقَموا علينا الإِيمان» الثالث: أنه في محلِّ جرِّ عطفاً على محل «أنْ آمنَّا» إذا جعلناه مفعولاً من أجله، واعتقَدْنا أنَّ «أنَّ» في محل جر بعد حذف الحرف، وقد تقدَّم ما في ذلك في الوجه الخامس، فقد تحصَّل في قولِه تعالى: ﴿وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ﴾ أحدَ عشرَ وجهاً، وجهان في حال الرفع بالنسبة إلى تقدير الخبر: هل يٌقَدَّرُ مُقدَّماً وجوباً أو جوازاً، وقد تقدَّم ما فيه، وستةُ أوجه في النصب، وثلاثةٌ في الجر. وأمَّا قراءةُ ابن ميسرة فوجهها أنها على الاستئنافِ، أخبر أنَّ أكثرَهم فاسقون، ويجوز أن تكون منصوبة المحلِّ لعطفِها على معمول القول، أمرَ نبيَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يقولَ لهم: هل تنقِمون إلى آخره، وأن يقول لهم: إنَّ أكثركم فاسقون، وهي قراءة جَلِيَّةٌ واضحة.
قوله تعالى: ﴿قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ﴾ : المخاطب في «أنبئِّكُم» فيه قولان، أحدهما - وهو الذي لا يَعْرِف أكثرُ / أهلِ التفسير غيرَه: أنه يُراد به أهلُ الكتاب الذين تقدَّم ذكرُهم. والثاني: أنه للمؤمنين، قال ابن عطية: «ومَشى المفسرون في هذه الآية على أن الذين أُمَر أَنْ يقول لهم:» هل أنبئِّكم «هم اليهودُ والكفار المتَّخذون دينَنا هزواً ولعباً، قال ذلك الطبري، ولم يُسْنِد في ذلك إلى متقدِّم شيئاً، والآية تحتمل أن يكونَ القولُ للمؤمنين» انتهى، فعلى كونِه ضميرَ المؤمنين واضحٌ، وتكونُ أَفْعَلُ التفضيل - أعني «بشرّ» - على بابِها، إذ يصير التقدير: قل هل أنبِّئكم يا مؤمنون بشرٍّ من حال هؤلاء الفاسقين؟ أولئك أسلافُهم الذين لعنهم الله، وتكون الإِشارةُ ب «ذلك» إلى حالِهم، كذا قَدَّره ابنُ عطية، وإنما قَدَّر مضافاً، وهو حال


الصفحة التالية
Icon