ويحيى بن وثاب وإبراهيم: «رِدُّوا» بكسرها خالصاً. وقد عَرَفْتَ أن الفعلَ الثلاثي المضاعف العين واللام يجوز في فائه إذا بُني للمفعول ثلاثة الأوجه المذكورة في فاء المعتل العين إذا بُني للمفعول نحو: قيل وبيع، وقد تقدَّم ذلك. وقال الشاعر:
١٨٩ - ٧- وما حِلَّ مِنْ جهلٍ حُبا حُلمائِنا | ولا قائلُ المعروف فينا يُعَنَّفُ |
قوله: ﴿وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ تقدَّم الكلام على هذه الجملة: هل هي مستأنفة أو راجعة إلى قوله ﴿يا ليتنا﴾ ؟
قوله تعالى: ﴿وقالوا﴾ : هل هذه الجملة معطوفة على جواب «لو» والتقدير: ولو رُدُّوا لعادوا ولقالوا، أو هي مستأنفة ليست داخلةً في حَيِّز «لو»، / أو هي معطوفةٌ على قوله: ﴿وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ ؟ ثلاثة أوجه، ذكر الزمخشري الوجهين الأول والآخِر فإنه قال: «وقالوا عطف على» لعادوا «أي: لو رُدُّوا لكفروا ولقالوا: إنْ هي إلا حياتنا الدنيا، كما كانوا يقولون قبل معاينة القيامة، ويجوز أن يُعْطف على قوله: ﴿وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ على معنى: وإنهم لقوم كاذبون في كل شيء». والوجهُ الأولُ منقول عن ابن زيد، إلا أن ابن عطية ردَّه فقال: «وتوقيفُ اللَّهِ لهم في الآية بعدها على البعث والإِشارة إليه في قوله ﴿أَلَيْسَ هذا بالحق﴾ [آل عمران: ٣٠] يردُّ على هذا التأويل». وقد يُجاب عن هذا باختلاف حالين: فإنَّ إقرارَهم بالبعث حقيقةً إنما هو في الآخرة، وإنكارَهم ذلك إنما هو الدنيا بتقدير عَوْدِهم إلى الدنيا، فاعترافهم به في الدار الآخرة غيرُ منافٍ لإِنكارهم إياه في الدنيا.