وقوله: ﴿بِمَا كُنتُمْ﴾ يجوز أن تكونَ» ما «موصولةً اسميةً والتقدير: تكفرونه، والأصل: تكفرون به، فاتصل الضمير بالفعل بعد حذف الواسطةِ، ولا جائزٌ أن يُحْذَف وهو مجرور بحاله، وإن كان مجروراً بحرفٍ جُرَّ بمثله الموصولُ لاختلاف المتعلَّق، وقد تقدَّم إيضاحُه غيرَ مرة. والأَوْلَى أن تُجْعَلَ» ما «مصدرية ويكون متعلَّق الكفر محذوفاً، والتقدير: بما كنتم تكفرون بالعبث أو بالعذاب أي بملاقاته أي بكفركم بذلك.
قوله تعالى: ﴿بَغْتَةً﴾ : في نصبها أربعة أوجه، أحدها: أنها مصدرٌ في موضع الحال من فاعل «جاءَتْهم» أي: مباغتةً، وإمَّا من مفعوله أي: مَبْغوتين. الثاني: أنها مصدرٌ على غير الصدر؛ لأنَّ معنى «جاءتهم» بَغَتَتْهُمْ بغتة، فهو كقولهم: «أتيته رَكْضاً». الثالث: أنَّها منصوبةٌ بفعلٍ محذوف من لفظها، أي: تَبْغَتُهم بَغْتة. الرابع: بفعلٍ من غير لفظها، أي: أتتهم بغتة.
والبَغْتُ والبَغْتةُ مفاجأة الشيء بسرعة من غير اعتدادٍ به ولا جَعْلِ بالٍ منه حتى لو استشعر الإِنسانُ به ثم جاءه بسرعةٍ لا يُقال فيه بَغْتَة، ولذلك قال الشاعر:
١٨٩ - ٨- إذا بَغَتَتْ أشياءُ قد كان قبلها | قديماً فلا تَعْتَدَّها بَغَتَاتِ |
قوله: ﴿ياحسرتنا﴾ هذا مجازٌ، لأنَّ الحسرةَ لا يتأتَّى منها الإِقبال، وإنَّما