بحرف الجر، وقد عُدِّيَتْ إلى الكتاب ب «في» فلا يتعدَّى بحرف آخر، ولا يَصِحُّ أن يكون المعنى: ما تركنا في الكتاب من شيء، لأن المعنى على خلاف فبان التأويل بما ذكرنا «انتهى. قوله:» يحتوي على ذِكْر كل شيء صريحاً «لم يَقُلْ به أحدٌ لأنَّه مكابرة في الضروريات. وقرأ الأعرج وعلقمة:» فَرَطْنا «مخفَّفاً، فقيل: هما بمعنى. وعن النقاش: فَرَطْنا: أخَّرْنا كما قالوا:» فَرَط الله عنك المرض «أي: أزاله.
قوله تعالى: ﴿والذين كَذَّبُواْ﴾ : مبتدأٌ وما بعده الخبرُ. ويجوز أن يكون «صمٌّ» خبرَ مبتدأ محذوف، والجملة خبر الأول، والتقدير: والذين كذَّبوا بعضُهم صمٌّ وبعضُهم بُكْمٌ، وقال أبو البقاء: «صمٌّ وبُكْمٌ الخبرُ، مثل حلو حامض، والواو لا تمنع من ذلك». قلت: هذا الذي قاله لا يجوزُ مِنْ وجهين، أحدهما: أنَّ ذلك إنما يكون إذا كان الخبران في معنى خبر واحد لأنهما في معنى مُزّ، وهو أَعْسَرُ يَسَرٌ بمعنى أضبط، وأمَّا هذان الخبران فكلُّ منهما مستقلٌّ بالفائدة. والثاني: أن الواو لا تجوز في مثل هذا إلا عند أبي علي الفارسي وهو وجه ضعيف.
قوله: ﴿فِي الظلمات﴾ فيه أوجهٌ، أحدها: أن يكون خبراً ثانياً لقوله: ﴿والذين كَذَّبُواْ﴾ ويكون ذلك عبارةً عن العَمَى، ويصير نظيرَ الآيةِ الأخرى: ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ﴾ [البقرة: ١٨] فَعَبَّر عن العمى بلازمه، والمراد بذلك عَمَى البصيرة. والثاني: أنه متعلِّقٌ بمحذوف على أنه حال من الضمير المستكنِّ في الخبر تقديرُه: ضالُّون حال كونهم مستقرين في الظلمات. الثالث: أنه صفةٌ ل «بُكْم» فيتعلَّق أيضاً بمحذوف أي بُكم كائنون في الظلمات. الرابع: أن يكون ظرفاً