وهو مجاز حسن، ويقوِّي ما قلته قولُ الشاعر:

٢٠١٤ - وما المالُ والأهلون إلا وديعةٌ ولا بُدَّ يوماً أن تُرَدَّ الودائعُ
والإِنشاء: الإِحداث والتربية، ومنه: إنشاء السحاب، وقال تعالى: ﴿أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الحلية﴾ [الزخرف: ١٨] فهذا يُراد به التربية، وأكثر ما يستعمل الإِنشاء في إحداث الحيوان، وقد جاء في غيره، قال تعالى: ﴿وَيُنْشِىءُ السحاب الثقال﴾ [الرعد: ١٢]. والإِنشاءُ: قسيمُ الخبر، وهو ما لم يكن له خارجٌ، وهل هو مندرجٌ في الطلب أو بالعكس أو قسم برأسه؟ خلافٌ، وقيل: على سبيل التقريب مقارنة اللفظ لمعناه. وقال الزمخشري: «فإن قلت: فَلِمَ قيل» يعلمون «مع ذكر النجوم، و» يفقهون «مع ذِكْرِ إنشاء بني آدم؟ قلت: كأن إنشاء الإِنس من نفس واحدة وتصريفهم على أحوال مختلفة ألطف وأدق صنعةً وتدبيراً، فكان ذِكْرُ الفقه الذي هو استعمال فطنة وتدقيقُ نظر مطابقاً له».
قوله تعالى: ﴿فَأَخْرَجْنَا﴾ : فيه التفاتٌ من غَيْبة إلى تكلم بنون العظمة، والباء في «به» للسببية، وقوله ﴿نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ﴾ قيل: المراد كل ما تسمَّى نباتاً في اللغة. وقال الفراء: «رزق كل شيء أي: ما يصلحُ أن يكون غذاءً لكل شيء فيكون مخصوصاً بالمتغذَّى به». وقال الطبري: «هو جميع ما ينمو من الحيوان والنبات والمعادن؛ لأنَّ كل ذلك يتغذَّى بالماء» ويترتب على ذلك صناعة إعرابية، وذلك أنَّا إذا قلنا بقولٍ غيرِ الفراء كانت


الصفحة التالية
Icon