وقيل: إنه استثناء من علة عامة أي: ما كانوا ليؤمنوا لشيء من الأشياء إلا لمشيئة الله تعالى. والثاني: أن يكون منقطعاً، نقل ذلك الحوفي وأبو البقاء واستبعده الشيخ.
قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ﴾ : الكافُ في محل نصب نعتاً لمصدر محذوف، فقدَّره الزمخشري/ كما خَلَّيْنا بينك وبين أعدائك كذلك فَعَلْنا بمَنْ قَبْلك «، وقال الواحدي:» وكذلك «منسوقٌ على قوله ﴿كَذَلِكَ زَيَّنَّا﴾ [الأنعام: ١٠٨] أي:» كما فَعَلْنا ذلك كذلك جَعَلْنا لكلِّ نبيٍّ عدوَّاً «. ثم قال:» وقيل: معناه جَعَلْنا لك عدواً كما جعلنا لمن قبلك من الأنبياء، فيكون قولُه «وكذلك» عَطْفاً على معنى ما تَقَدَّم من الكلام، وما تقدَّم يدلُّ على معناه على أنه جعل له أعداءً و «جَعَل» يتعدَّى لاثنين بمعنى صَيَّر. وأعرب الزمخشري وأبو البقاء والحوفي هنا نحوَ إعرابِهم في قوله تعالى: ﴿وَجَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَآءَ الجن﴾ [الأنعام: ١٠٠] فيكونُ المفعول الأول «شياطين الإِنس» والثاني «عَدُوَّا»، و «لكلِّ» حال من «عدوَّاً» لأنه صفتُه في الأصل، أو متعلِّق بالجَعْل قبلَه، ويجوز أن يكون المفعول الأول «عدوَّاً» و «لكلِّ» هو الثاني قُدِّم، و «شياطين» بدل من المفعول الأول.
والإِضافة في ﴿شَيَاطِينَ الإنس﴾ يُحتمل أن تكونَ من باب إضافة الصفة لموصوفها، والأصل: الإِنس والجن الشياطين نحو: جَرْد قطيفة، ورجَّحْتُه بأنَّ المقصودَ التَّسَلِّي والاتِّساء بمن سَبَق من الأنبياء إذ كان في أممهم مَنْ يُعادلهم


الصفحة التالية
Icon